الصاحب والميم صاحب، عند الإماراتيين (2)

13:24 مساء
قراءة دقيقتين

لولا الحرب العالمية الثانية لكان الوجود العسكري الإنكليزي لم يتعد الزيارات التي كانت سفن الإنجليز الحربية تقوم بها للإمارات... وحتى الثلث الأول من القرن الماضي، كانت هذه السفن تطرح مراسيها قبالة الشارقة، وبعد ذلك قبالة دبي والتركيز عليها عندما تكاثرت الرمال المتزاحمة مع الأمواج شيئاً فشيئاً وظهر (الضيح) أو ارتفاع السطح تحت الماء للعين المجردة على طول الساحل في الشارقة، ولم يعد ميناء الشارقة إلى نشاطه إلا في عهد المغفور له الشيخ خالد بن محمد القاسمي 1964 م.

ويأتي ذكر الإنكليز في الحلقة الماضية وهنا في هذه الحلقة، للاسم الذي أطلقه الهنود على الإنكليز (الصاحب)، وعلى زوجاتهم، (الميم صاحب) والاسم بالدرجة الأولى للإنكليزي الهندي... وأول ما رأى الناس هنا في الإمارات من الإنكليز هم الذين جاؤوا من الهند وجاؤوا بموظفين إداريين وغيرهم من الحاشية من الهند أيضاً، وكان هؤلاء الهنود يطلقون على مخدوميهم من الإنكليز اسم (الصاحب)، وزوجات الإنجليز (الميم صاحب).

والصاحب في اللغة الأوردية الكثيرة الانتشار في الهند، واللغة الرسمية في الباكستان التي انفصلت عن الهند، هو السيد المحترم أو كما يقول مؤلف كتاب SERVENT OF SAHEB، ويمكن للهندي والباكستاني أن ينادي به أي شخص مناداة احترام، فيقول له: الصاحب، أي يا سيدي المحترم، أو يا سيدي.

وكما يلاحظ القارئ فإن كلمة الصاحب عند العامة في الإمارات كانت تختص بالأوروبي عامة وبالإنكليز خاصة، وليس معناها، أي معنى هذه الكلمة بالغريب على العربي، فهي كلمة شائعة الاستعمال في اللغة العربية.. ولكن الصاحب عند العرب هو الرفيق أو الصديق، بينما اختلف المعنى عند المتحدث بالأوردية أو اللغة الأوردية التي أخذت مترادفاتها من السنسكريتية الهندية والفارسية والعربية، ولا أعتقد أن هناك خليجياً نشأ وتربى في الخليج وخاصة في الإمارات لا يعرف من هذه اللغة الجميلة وذات الجرس الموسيقي الجميل، كلمات يقضي بها حوائجه، وذلك للصلة القديمة وذات التاريخ القديم بالهند والهنود والثقافة الهندية ذات العمق المتناهي في القدم، ويعلمنا التاريخ، أن بريطانيا العظمى، كانت بالفعل عظمى، وفي أوج عظمتها عندما كانت تحكم الهند وتستمد من هذا البلد العريق سر قوتها الاقتصادية والعسكرية..وعندما خرجت من الهند ظهر في حياتها حساب العد التنازلي للإمبراطورية المترامية الأطراف..وطوال الستين عاماً الماضية وهي المدة التي مضت على ترك الهند، انكمش الإنجليز ونسي الناس أن دولتهم كانت تدعى يوماً Great Britain ، أو بريطانيا العظمى.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"