الغواص بو أحمد.. عبدالرحمن المري (2)

05:07 صباحا
قراءة دقيقتين

عندما تجلس إلى بو أحمد، عبدالرحمن المري، تشعر لأول وهلة أنك أمام انسان عادي، ليس هناك ما يميزه، لكن سرعان ما تكتشف أنك أمام شخصية غير اعتيادية، تغوص في كنه الحياة وفي سبر غورها غوص متقن لمهنته، ومن هنا نجد معنى محدداً للغوص والغواص، ومن هذه الزاوية، زاوية التفطن في الحياة.. ومن هنا أيضاً نكتشف عبدالرحمن المري ونعلم أننا أمام انسان ذي فطانة في الحياة، يلقي على دروبها ومسالكها المتشعبة أضواء تشير إلى مخابئها ومخفياتها..

منذ سنين يتخذ عبدالرحمن المري من ركن أحد فنادق ديرة الكبيرة مجلساً أو ديوانية بعد ساعات من قضاء عمله في شغله، وتكون الجلسة عامرة حتى الوقت الذي يميل فيه ميزان النهار إلى المغيب، وفي يوم الإجازات يكون بو أحمد أكثر تبكيراً في الحضور لمجلسه.. ليس ركن بو أحمد في مجلسه هذا ركناً انعزالياً، أو يسامر أبو أحمد نفسه وحدها في الجلسة.. فهناك العديد من محبي بو أحمد، عبدالرحمن المري، ومن عشاق أحاديثه، يأتون إليه فرادى ومجتمعين، وكنت أحد هؤلاء، أتوق إلى جلسة أبي أحمد، والاستماع إليه، ولكن ظروف الحياة واتساع أبعادها باتت تحد من اللقاء المنظم.

ويعتبر بو أحمد عبدالرحمن المري أحد البارزين بين مثقفي الإمارات الذين بامكانهم الحديث في أي موضوع يتعلق بشأن الناس وشجونها بدراية وفهم عميقين وبأسلوب يدرك معه المرء أن بو أحمد، محلل اجتماعي وسياسي واقتصادي، وبإمكانه أن يضع النقاط فوق الحروف، لأي موضوع يتناوله.

والذي يهمنا في هذا الحديث عن عبدالرحمن المري، أنه شاعر وأديب، وذو أسلوب رقيق فيه جاذبية كبيرة.. وقد استشهدت في الحلقة الماضية بأنموذج من شعره، ومن غير الانصاف أن تختزل كتابات الاستاذ عبدالرحمن المري وأشعاره في كلمات عارضة وفي حديث ايجازي.. ومما يسر أنني علمت من بو أحمد أنه يعد الآن مؤلفاً عن كتابات نثرية وشعرية سوف يخرج للناس قريباً إن شاء الله.

ونورد هنا أنموذجاً آخر من شعر عبدالرحمن المري (المساء)، يخرج به من ضباب الحيرة التي اكتنفت عصر الصورة المنشورة بالحلقة الماضية وتبدو الحياة لديه هنا أكثر تفاؤلاً:

المسا..

يطل المساء.. بعطر المساء

بنبض الجمال.. بعطر الحياة

بيوم.. جديد.. بحب شديد

لقلب عزيز.. يمد يديه

مياه القلوب.. تروي الضلوع

تمد النفوس.. بسر الحياة

نراه غريباً.. سواداً كئيباً

لنفس تراه.. جمالاً عجيباً

قلوب حيارى.. وأخرى سكارى

بحب الحبيب.. وخمر الحياة

دنيا المساء.. دنيا الجمال.. دنيا الهموم

دنيا الفرح

غريب.. عجيب.. جمال.. سواد.. كتيب

خليط مرح

مساء نراه.. بعين الشعور.. بنبع القلوب

بصوت ملح

عيشوا المساء.. بنبض المساء.. بروح الأمل

بقلب فرح

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"