القوى العاملة الأمريكية بين ثلاثة أجيال

00:07 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عبد العظيم محمود حنفي

إن أبناء جيل الألفية هم الذين ولدوا ما بين عام 1980 وعام 2000، وهم الجيل الأكثر عدداً على الإطلاق في العصر الحديث، وهذا الجيل يدخل في صفوف القوى العاملة في وقت يشهد تغيرات تكنولوجية واضطرابات اقتصادية، وتشكل هذه العوامل اختيارات أبناء هذا الجيل والخبرات التي يسعون إلى اكتسابها - بالرغم من أن هذا الجيل في حد ذاته يشكل مسار الاقتصاد العالمي.. وفي حين ينظر إلى أبناء الأجيال السابقة - جيل ما بعد الحرب العالمية الثانية و الجيل إكس ( التالي لجيل ما بعد الحرب العالمية الثانية ) - باعتبارهم مهاجرين رقميين، يعتبر أبناء جيل الألفية مواطنين رقميين لديهم وعي فطري بالتكنولوجيا الحديثة.
فالتكنولوجيا جزء من تكوينهم - و لكنهم قلقون رغم ذلك من أن يستحوذ الروبوت على وظائفهم في يوم ما. و يزداد سعي أبناء جيل الألفية إلى أن يكونوا جزءاً من اقتصاد المشاركة، و هو ظاهرة نشأت نتيجة النظم الرقمية التي تيسر الربط بين المشتري و البائع، و تساعد الوظائف التي يتيحها اقتصاد المشاركة - مثل العمل كسائق لدى شركة أوبر أو ليفت - بعض أبناء جيل الألفية في كسب ما يكفي للعيش حتى وإن كانت مثل هذه الوظائف بعيدة في طبيعتها كل البعد عن الوظائف بدوام كامل التي تتيح خطط التقاعد و المزايا الأخرى التقليدية التي طالما تمتع بها آباؤهم. كذلك يبدي هذا الجيل حماساً كبيراً تجاه استغلال الخدمات القائمة على اقتصاد المشاركة الذي يتيح الحصول على كل شيء بدءاً من الإقامة إلى استخدام السيارات و السفن دون عناء الملكية، فأبناء هذا الجيل يعزفون عن شراء السلع باهظة الثمن كالسيارات والمنازل، ويختلف نمط إنفاقهم اختلافاً كبيراً عن الأجيال السابقة. هل هذا رفض للنزعة المادية - أم مجرد دليل على نقص الموارد ؟ أم كلاهما ؟.
و بالرغم من تفاؤل الشباب بشأن المستقبل؛ فإنهم يعانون كثيراً للحصول على وظائف، و نجد أن متوسط دخول الشباب في الوقت الحالي أقل مما كان في عام 1975، على الأقل في الولايات المتحدة الأمريكية، فوفقاً لمكتب التعداد الأمريكي، يقل الدخل الحقيقي ( بعد التضخم ) لشباب العاملين الأمريكيين بنسبة 5.5% عن مستواه منذ أربعة عقود ماضية. وهكذا فإن أبناء الألفية يواجهون معوقات في طريقهم نحو تحقيق الرفاهية لم يواجهها آباؤهم. ورغم أن حظهم من التعليم أكبر من الأجيال السابقة؛ فإن هذا لا يكفي في الوقت الحالي لضمان النجاح المالي، فالعديد منهم، إن لم يكن معظمهم، سيضطرون إلى اكتساب مهارات جديدة وتغيير مهنتهم عدة مرات خلال حياتهم العملية. و بينما يظل التعليم الرسمي هو المصدر الأساسي للتعلم. وتظهر دراسات المراكز الاقتصادية الأمريكية أنه يجب أن تزود النظم التعليمية جيل الألفية، والأجيال التالية بمجموعات من المهارات اللازمة لأداء وظائف لم تظهر بعد. وأنه أيّاً كانت الوظائف التي يحملها المستقبل لأبناء هذا الجيل، فإنهم قد يضطرون إلى الاستمرار في أدائها لفترة أطول كثيراً مما يظنون. فمع ازدياد أعداد المسنين وسعي الحكومات إلى احتواء تكلفة معاشات التقاعد المتنامية. وأنه من المحتمل أن يضطر جيل الألفية إلى العمل لسنوات أطول و ادخار معاشات أكبر من أجل تحقيق نفس المستوي المعيشي للمتقاعدين في الوقت الحالي. ووفق تلك الدراسات فإن نسبة من يبلغون السادسة عشرة من العمر فأكثر من بين سكان الولايات المتحدة الأمريكية، الذين يعملون أو يبحثون عن وظيفة - أي نسبة المشاركة في القوة العاملة - تواصل الانخفاض. واللافت للنظر هو أن نصف المكاسب التي تحققت في نسب المشاركة بين عامي 1960 و2000، أي تلك المدفوعة بالتغيرات الاجتماعية الكاسحة مثل طفرة المواليد بعد الحرب العالمية الثانية ودخول المرأة في القوة العاملة. قد انعكست في السنوات السبع الماضية وخرج ما يعادل 7.5 مليون عامل من القوة العاملة في الولايات المتحدة.

* كاتب وباحث أكاديمي مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"