الكويت والإصلاح الاقتصادي

02:17 صباحا
قراءة 3 دقائق
إن اعتماد مجلس الأمة الكويتي لتعديل مرسوم الضريبة رقم (3) لسنة 1955 كان مؤشراً جيداً إلى قدرة الحكومة على اقناع عدد لا بأس به من الأعضاء بأهمية إنجاز مشاريع قوانين تلائم الاصلاح الاقتصادي، هل يمكن أن نتوقع تعديلات اخرى أو مشاريع قوانين أخرى مثل التخصيص أو تعديل قانون الشركات أو تحويل الخطوط الجوية الكويتية الى شركة تمهيداً للتخصيص أو اعتماد قانون هيئة أسواق المال وغيرها من قوانين وتشريعات مستحقة؟لا شك في أن الكويت أصبحت متأخرة في تطوير بنيتها المؤسسية والقانونية التي تتطلبها عمليات الاصلاح والتصحيح، وهناك الكثير من القوانين والأنظمة الطاردة لرأس المال، الوطني والأجنبي، يضاف الى ذلك ان العقلية الإدارية الحاكمة لا تزال معادية للقطاع الخاص ولأي عملية تحول اقتصادية أساسية تنقل الكويت من وضعية الاقتصاد الريعي الى بيئة المبادرة والتحرر والمنافسة وغني عن البيان ان هناك أهمية لإقناع قطاعات مهمة في المجتمع الكويتي بضرورة تطوير بنية الاقتصاد الوطني وتفعيل دور عناصر البشرية في أطر انتاجية مفيدة تعزز التوظيف الأمثل لهذه العناصر وللقدرات الخاصة وتبتعد عن الاعتماد على الامكانات المالية للدولة أو الاتكال على موارد الخزينة العامة.قد يتمكن مجلس الوزراء من ان يضع استراتيجية مناسبة للتعامل مع متطلبات الاصلاح الاقتصادي ولديه كمية جيدة من الأدبيات التي أعدت من لجان حكومية ومن المجلس الأعلى للتخطيط ودراسات جهات متخصصة محلية وعالمية، ومنها دراسات البنك الدولي للإنشاء والتعمير. إذاً فإن الأعمال المطلوبة والاجراءات المناسبة باتت معلومة لدى السلطة التنفيذية، ويظل على هذه السلطة ان تعمل على انجاز القوانين اللازمة مع مجلس الأمة.وإذا كانت القوانين والأنظمة تتطلب التعديلات والتطوير فإن هناك ضرورة لقيام الحكومة، أو مجلس الوزراء، بتنظيم البنى المؤسسية المساعدة واللازمة التي سوف تمكن من انجاز عملية اصلاح واعدة، ومن أهم ما يجب إنجازه هو تفعيل دور المجلس الأعلى للتخطيط وتعزيز دوره بدلاً من تهميشه وهذا يتطلب عقد المزيد من الاجتماعات ودعم اللجان المتخصصة في هذا المجلس بالخبراء والمتخصصين القادرين على صياغة السياسات والمقترحات المناسبة والضرورية. منذ تأسيس مجلس التخطيط في الكويت في الستينات من القرن الماضي لم يتسن له تنفيذ خطة خمسية أو برامج انمائية واضحة المعالم تتم متابعتها من قبل أجهزة تنفيذية بعد اعتمادها كقوانين من قبل مجلس الأمة، وحتى الخطة التي اعتمدت من قبل مجلس الأمة في العام 1986 لم يتم تنفيذها كما كان منشوداً من قبل واضعيها آنذاك. ايضاً، هناك أهمية لتطوير إدارة الاستثمار الأجنبي في وزارة التجارة والصناعة وتحويلها الى هيئة قادرة على ترويج المشاريع الاقتصادية في مختلف القطاعات داخل الكويت. هذه الهيئة العتيدة يجب أن تدار من قبل كوادر مؤهلة وقادرة على التعامل مع المؤسسات والشركات الاجنبية وتستطيع ان تعزز الاستثمار في القطاعات الحيوية.وإذا كان المرء يضع أهمية لدور المؤسسات الأساسية مثل مجلس الأمة ومجلس الوزراء لتفعيل الاصلاح الاقتصادي فإن هناك متطلبات من القطاع الخاص الكويتي عليه ان يأخذها في الاعتبار. وظل القطاع الخاص تابعاً مطيعاً للدولة ومستفيداً من أدوات وآليات الانفاق العام، ولذلك لم يواجه تحديات تفرض تطوير أعماله وإداراته. وعندما حولت الحكومة ملكيتها في العديد من الشركات الى القطاع الخاص لم نلحظ تطويراً في الأداء بمستوى ما هو جار في الدول المتقدمة، أو حتى في عدد من الدول النامية.إن من الأهمية ان يعي القطاع الخاص الكويتي مسألة فصل الملكية عن الإدارة بحيث يوفر لشركاته أفضل المديرين القادرين على زيادة المساهمة في العمل الاقتصادي الوطني وتعظيم الايرادات والأرباح الصافية والمساعدة على بناء كوادر وطنية في مؤسساته. كما أن المطلوب من القطاع الخاص ان يتفهم أهمية الحجم الاقتصادي المناسب ويتعامل بإيجابية مع قضايا الاندماج والاقتناء حيث ان هناك الكثير من المؤسسات في قطاعات حيوية لا تستطيع ان توفر كفاءة في المنافسة في ظل أوضاعها الراهنة وصغر حجمها ومحدودية رأسمالها.ومن أهم هذه المؤسسات البنوك وشركات الاستثمار التي يجب أن تسعى إلى بناء وحدات اقتصادية قادرة على المنافسة في المجالات الوطنية والاقليمية والدولية خلال السنوات المقبلة، وهكذا يتضح أن مسؤولية الاصلاح تشمل اطرافاً عديدة في الكويت وتفرض عليها وعي متطلبات واستحقاقات التغيير من أجل بناء اقتصادي عصري.باحث اقتصادي كويتي
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"