اليمين عدو البيئة

03:00 صباحا
قراءة 3 دقائق
حافظ البرغوثي

ثمة قواسم مشتركة كثيرة بين قطبي اليمين في الأمريكيتين، أي الرئيس دونالد ترامب ونظيره البرازيلي جائير بولسونارو. فهما يحتقران المهاجرين الأفارقة وسكان البلاد الأصليين من الهنود الحمر، وشنا حملات كلامية ضد هاتين الفئتين، وأشادا بتفوق العنصر الأبيض، بل ذهب الرئيس البرازيلي وهو عسكري سابق إلى التحسر على عدم قيام سلاح الفرسان البرازيلي بإبادة السكان الأصليين مثلما فعل الجيش الأمريكي ضد الهنود الحمر.
والاثنان مغرمان بتأييد «إسرائيل»، وعشق نظيرهما نتنياهو اليميني مثلهما، الذي يكره اليسار والعرب والسود، ويكنون عداء سافراً للمسلمين.
ويشعر ترامب ونتنياهو وبولسونارو، بعداء سافر ضد وسائل الإعلام، ولذلك استخدموا «تويتر» للرد.
والاثنان أيضاً استخدما كلمة غائط في تصريحات لهما، فالرئيس ترامب وصف إفريقيا بأنها حفرة غائط، بينما نظيره البرازيلي، نصح شعبه بالتغوط مرة كل يومين في سخرية من منتقدي سياسته المعادية للبيئة.
والاثنان أيضاً عدوان لدودان للشجر والبيئة والبشر، ففي حملته الانتخابية، دعا الرئيس البرازيلي، إلى استثمار غابات الأمازون المطيرة وقطع الأشجار وتربية المواشي، ويسعى إلى الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ.
ومنذ توليه الحكم، اندلعت حرائق كثيرة في رئة الكرة الأرضية، أي الأمازون، وكان الرئيس البرازيلي، أعطى الشركات وكبار المزارعين، الضوء الأخضر لحرق الأخضر في الغابات.
وعلى نسق ذلك كان الرئيس ترامب، قد أوعز للشركات النفطية بالمضي قدماً في الاستثمار في النفط الصخري مع ما يحمله ذلك من تلويث للبيئة الجوفية وسطح الأرض، وقد بلغ إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة العام الماضي، قرابة سبعة ملايين برميل يومياً.
وطالب ترامب دول أوروبا باستثمار النفط الصخري، لكن القارة العجوز ذات المساحة المحدودة ترفض تلويث البيئة بالكيماويات وضخ ملايين الأمتار المكعبة من المياه والكيماويات في عمليات تكسير الصخور النفطية، بحثاً عن جيوب النفط والغاز، فالآثار البيئية لاستخراج النفط الصخري، مدمرة لباطن الأرض والمياه الجوفية وسطح الأرض.
وغني عن الذكر، أن الرئيس ترامب، أراد من وراء استخراج النفط الصخري، تقليل الاعتماد على استيراد النفط، بالرغم من أن استخراجه مكلف، وتم حفر عشرات الآلاف من الآبار في عهد ترامب، ولك أن تتخيل الضرر البيئي، الذي تسببت به وستظهر علاماته لاحقاً ليس في تلوث البيئة فقط، بل في احتمال حدوث زلازل مدمرة من جراء التكسير الهيدروليكي للصخور الجوفية.
وكان تقرير أمريكي، أعده مئات الباحثين والعلماء، الذين يعارضون رأي الرئيس ترامب حول الاحتباس الحراري، قد أكد أن كثيراً من الاحتباس الحراري، نجم عن النشاط البشري.
ويشير إلى أنه «من المحتمل جداً أن يكون التأثير البشري هو السبب المهيمن للاحتباس الحراري الملحوظ منذ منتصف القرن العشرين».
ويحذر التقرير المطول، من بين أمور أخرى، من ارتفاع محتمل في مستويات سطح البحر يصل إلى 2.4 متر بحلول عام 2100. وما يقوم به ترامب من تلويث للبيئة يضاهيه ما أطلق عنانه الرئيس البرازيلي في غابات الأمازون؛ حيث تواصل الحرائق التهام مساحات واسعة من غابات الأمازون منذ أكثر من أسبوع، وجدد الرئيس البرازيلي، شكوكه بوقوف منظمات غير حكومية وراءها، مقراً بأنه لا يملك دليلاً على ذلك.
وأضاف: «لقد خسرت المنظمات غير الحكومية الأموال.. إنهم عاطلون.. ماذا يجب أن يفعلوا إذن؟ يحاولون إسقاطي».
وأقر بولسونارو، بأنه لا توجد طريقة لإثبات مثل هذه الشكوك، إلا إذا جرى الإمساك بأحدهم متلبساً، متهماً وسائل الإعلام بتشويه بياناته السابقة، وقال إنه لم يوجه أي اتهامات، لكنه أعرب عن شكوك.
جاء ذلك بعد يوم من تعليقات مشابهة للرئيس، في حين رصدت الأقمار الصناعية الوطنية نحو تسعة آلاف حريق في الغابات التي تبلغ مساحتها نحو خمسة ملايين كيلومتر مربع.
وكان مركز أبحاث الفضاء البرازيلي، قد حذر من ارتفاع معدل حرائق الأمازون؛ حيث سجلت رقماً قياسياً منذ بداية العام متجاوزة 72 ألف حريق.
وقالت منظمة «السلام الأخضر» إن الحرائق ارتفعت منذ مطلع العام الجاري بنسبة 145% في منطقة الأمازون، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، أي لأن مرحلة الرئيس الحالي، أطلقت شرارة الموت للقضاء على رئة الأوكسجين في الأرض، وقد انتقد الرئيس البرازيلي، دعوة الرئيس الفرنسي ماكرون، لبحث حرائق الأمازون، بقوله إنه يتصرف بعقلية استعمارية، وكأنه يرفض بحثها، لكن تهديد فرنسا وأيرلندا، بوقف التوقيع على اتفاقية التجارة مع أوروبا، جعلته يسارع إلى إرسال الجيش البرازيلي لإخماد الحرائق في اعتراف ضمني بأنه لم يكن يفعل شيئاً لوقف اشتعال النار في الأمازون.
فنحن هنا أمام رئيسين يمينيين وحليفهما نتنياهو يكرهون السكان الأصليين والمهاجرين والغابات ويلوثون الطبيعة سطحاً وباطناً، ويسممون المناخ البيئي والسياسي، فماذا سيفعل العالم؟


[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"