اوباما والتغيرات المحتملة في العراق

04:53 صباحا
قراءة دقيقتين

شكل فوز المرشح الديمقراطي باراك اوباما في السباق الرئاسي الامريكي علاقة جديرة بالملاحظة تتمثل في استقطاب المؤهلات القادرة على خدمة الوطن الامريكي بغض النظر عن لون أو عرق ذلك المرشح، ما دامت ثوابته تمثل المصالح العليا الامريكية وما تحقق بنجاح كبير للمجتمع الامريكي وعلى الصعد كافة حمل رسالة من نوع خاص داخلياً وخارجياً جدير بالجميع تأملها والامعان في مضامينها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

وما يهمنا في هذا الجانب التصورات والافكار المقبلة التي سيعالجها اوباما وفريق ادارته على الساحة العراقية، فالرجل ورث وضعاً صعباً في العراق وفي الولايات المتحدة فضلاً عن التبعات القانونية والاخلاقية والانسانية التي تتحملها جراء عدوانها في مارس/آذار 2003 وحتى الآن والتي خرجت منها بحصيلة مرة وقاسية بسبب هوس الادارة الامريكية وحماقتها وتوجهها العدواني ضد كل من لايتطابق معها في الاجراءات التي ترغب في تنفيذها على الأرض. وبلا شك ان الحمل الذي ورثه اوباما عن سلفه كبير جداً وله اكثر من صلة بموضوع هيبة الدولة العظمى المتفردة بالساحة الدولية منذ بدايات عقد التسعينات في القرن الماضي وحتى الآن وهو ما يلقي بظلاله على الاجراءات المقبلة التي تتطلع إليها الادارة الجديدة في انجازها في العراق.

والأكيد في هذا الجانب أن المتغيرات الامريكية القادمة لايمكنها أن تتقاطع مع الاستراتيجية العليا للدولة جراء وجودها في العراق، لذلك ستكون اشكال وانواع المتغيرات ذات طبيعة تكتيكية براقة وملفتة للنظر، لكنها لن تمس جوهر الاستراتيجية العليا، لأدراكنا ان محدودية التغيير في هذه الاستراتيجية محدد ومضيق عليه لأسباب كثيرة يقف في مقدمتها أمن إسرائيل والخزين النفطي الهائل المتوفر في منطقة الصراع، وفي المقدمة من ذلك العراق. فضلاً عن ذلك ان هيبة الدولة العظمى اياً كانت المخاطر والتحسبات ستتصاغر معها وعود انتخابية اطلقها اوباما اثناء حملته الانتخابية لغرض الفوز بالموقع الأول في الولايات المتحدة.

لذا فإدارة اوباما وبعد أن تعيد النظر والتأمل في مجمل المشهد العراقي ستتوصل الى أن المتغيرات القادمة تستلزم الوقت والجهد والامكانية، وهذا ما يستوجب توثيق التلاحم والتطابق بين العراق والولايات المتحدة، وهو ما تؤكد عليه الادارة الامريكية الآن في تضمينه كأحد مستلزمات الاتفاق المشترك بينهما في الاتفاقية الثنائية التي ستمرر في مجلس النواب العراقي قبيل تولي اوباما مهامه الرسمية في يناير/كانون الثاني 2009 كأحد اجراءات التلطيف والقبول والمراضاة للدور الامريكي في العراق سواء كان الحاكم جمهورياً ام ديمقراطياً، وهو دور تبحث عنه كل القوى السياسية المتنفذة في سدة الحكم بغض النظر عما تدعيه في وسائلها الاعلامية والانتخابية بخلاف ذلك.

* كاتب واكاديمي عراقي

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"