بين يدي عام 2019

02:57 صباحا
قراءة دقيقتين
د.عبدالعزيز المقالح

جرت العادة عند البعض من الناس أن يتفاءلوا بالأرقام، وبالأيام، والسنوات. وتكاد أغلبية هؤلاء تتفاءل بالأرقام الفردية، منها رقم «9» الذي يتصدر عنوان العام الجديد، وما يوحي به للمتفائلين من أمل أن يكون عاماً مختلفاً عن العام المنصرم، عام التضامن، والأمن، والاستقرار.
ويرى بعضهم أن بشائر هذا الأمل بدأت جذور ملامحها بالظهور في الأيام الأخيرة من خلال ما تقوم به بعض الأقطار العربية من اتخاذ مواقف تهدف إلى التصالح، ولملمة الصفوف، واستعادة الكيان العربي الواحد، بعد أن وصلت الأوضاع العربية درجة من التفكك لا تطاق، ساد معها نوع غير مقبول، ولا محتمل من التقاطع والاحتراب، وتدمير ما كان قائماً من الصلات الاقتصادية والثقافية، وما ترتب على هذا الانكسار من ارتفاع رغبة الأعداء، وخروج أطماعهم الخفية إلى الوجود.
وحقائق الأمور، كما محصلة الدراسات العلمية، تؤكد أنه لن تقوم لأقطار هذه الأمة قائمة إلا بالتضامن والتضافر، ليس لحمايتها من الأعداء والتصدي لأطماعهم فحسب، وإنما لبناء المستقبل، والخروج النهائي من نفق التخلف والاستسلام لرياح التمزيق والتفتيت.
لقد ضاع العراق، أو كاد يضيع، وضاعت سوريا، أو وكادت، وتوشك ليبيا أن تصير ميداناً للاقتتال العبثي الذي لن يقاوم إلا بقيام نظام يرعى الحقوق، ويحمي نفوس المواطنين، ويحافظ على الحد الأدنى من الأمان والاستقرار.
وليس غريباً أن يكون هذا القطر العربي حديث العالم، ومحط أنظار الطامعين، ولا يحظى بأي اهتمام من أشقائه، وربما أسهم بعض الأشقاء في زيادة معاناته، وتمويل بعض قوى التخريب، دونما دوافع واضحة وراء مثل هذا الموقف المجاني الذي تتبدد فيه طاقات عربية من دون هدف، أو جدوى.
إن عاماً جديداً يطل على الوطن العربي يستدعي ليس وقفه جادة لاسترجاع حصيلة كوارث العام المنصرم، وإنما للبحث في إمكانية تحقيق الأحلام والأماني التي حالت الظروف دون تحقيقها. وليس من العسير على أمة بكل هذا الحجم البشري، وبكل هذه الإمكانات المادية والمعنوية، أن تكشف طريقها الصحيح، ولا يعمل حسابها للزمن الذي يجري مسرعاً، ولا ينتظر الكسالى والحائرين.
ونظرة واحدة إلى الأرقام التصاعدية التي تحققها شعوب أخرى على وجه الأرض تشير إلى مدى ما نعانيه نحن العرب - من دون بقية المخلوقات البشرية- من عجز حقيقي في مواجهة التحديات، ومنها مواجهة الزمن، وما تكشف عنه أعوامه المتكررة أياماً وشهوراً والمختلفة أداءً وابتكاراً.. ونردد بالمناسبة ما قاله شاعرنا: وما نيل المطالب بالتمني، ولكن تؤخذ الدنيا غلابا.
وتحية وتهنئة لقراء «الخليج» بالعام 2019م، ولكل من يسعى من أبناء أمتنا العظيمة ليكون هذا العام جديداً في حضوره، ومعناه، وفي ما سوف يحققه من قيم التصالح، والتضافر، وتفويت الفرص التي باتت سانحة للأعداء.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"