تريم عمران . . ذلك الرمز

05:11 صباحا
قراءة دقيقتين

من الناس مَن يُولد واليُمن يُصاحبه منذ ولادته، فيترعرع في حب الخير، وينشأ في درب الصلاح، ويمسي ويصبح وهُّمه إصلاح الناس من يُحبّهم ومَن لا يُحبهم، لا الإضرار بهم .

ومثل هذا يتمنى الناس أن يطول عمره، ليكثر خيره ونفعه، ولو توفاه الله عند بلوغ أجله لأبكى الناس على فقده، وأحسوا عندئذٍ بمراراة فقده، وبخسارة لا تُقدر بقدر، ولقد صدق الشاعر الذي يقول:

لعمري ما الرزية فقدُ مال

ولا فرس تموت ولا البعيرُ

ولكن الرزية فقد شخص

يموت بموته خلق كثيرُ

إن فقيدنا - تريم عمران تريم - رحمه الله الذي تذكّرنا دار الخليج في مايو/أيار من كل عام بيوم رحيله، هو أحد أولئك الأفذاذ الذين تركوا فراغاً في مجتمعهم وفي ميادين عملهم، وفي مواطن الخير كلها .

نعم . . عاش كبيراً ومات كبيراً، ولم يمت من خلَّف ذرية صالحة أو صدقة جارية أو علماً ينتفع به، لكننا في الحقيقة لفراق تريم عمران لمحزونون، فهو كان يُعَدّ ضمن أصابع اليد، وكان يصنّف ضمن النوادر الذين جادت بهم أرحام الأمهات على مستوى الوطن العربي .

لقد كان صاحب موقف لا يتغير بتغيّر المواقف من حوله، إلا إذا كانت مصلحة الأمة مع التغيير، وكان صاحب الكلمة ويملك الشجاعة فيقول لا، إذا رأى أن مصلحة بلاده وأمته في خطر .

أعُطي الكثير من الحكمة وسداد الرأي، لذلك فإن مؤسس اتحادنا المجيد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، كان يستأنس برأيه، وشارك هو وشقيقه الدكتور عبدالله عمران في رسم سياسة دولة الإمارات العربية المتحدة منذ أن كانت فكرة في مهدها .

نعم، كان تريم ذا خلق رفيع وأدب جَمّ مع الناس، أثرى الساحة بفكره وأدبه وصمته الحكيم وصبره وجَلده على العمل الدؤوب، عمل ولم يسأم، طالب ولم يملّ، سعى ولم يكلّ .

أجل فأبو نجلاء عاش شامخاً بكل هذه الخصال الحميدة، لذا عند ما رحل خلَّده الله في قلوب محبيه في الداخل والخارج بالشموخ نفسه، وجعلهم يذكرونه لا في ذكراه السنوية، بل في مواطن عملهم اليومي، لأنه كان نبراساً ولم يزل نبراساً لرجال الصحافة والإعلام والسياسة وحرية الرأي .

وسيظل شعلة لا تنطفئ وعاطفة وطنية لا تفقد دفئها، وصوتا مُخلصاً لا يتوقف دويّه .

نم يا أبا نجلاء، رمزاً ضمن الرموز الخالدة، وإلى الخُلد إن شاء الله، واعمل يا أبا خالد الدكتور عبدالله عمران آخِذاً بنهجه وسارياً على خُطاه، فأنت من بعده خير خلفٍ لخير سلف .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"