تصاعد اليمين المتطرف في «إسرائيل»

03:37 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

تتزايد يوماً بعد يوم المشكلات والأزمات المختلفة التي تواجه رئيس الوزراء «الإسرائيلي» اليميني المتطرف بنيامين نتنياهو؛ وذلك بسبب سياساته الرعناء، التي لا حساب فيها سوى لمصالحه الشخصية والحزبية، والتي باتت تشكل بنظر الكثير من «الإسرائيليين» خطراً على «إسرائيل» ذاتها.
قد يعتقد البعض أن مواقف «الإسرائيليين» من نتنياهو، تعكس تناقضهم مع سياساته المتطرفة، أو رغبتهم بالسلام، أو حتى تعكس استياءهم من الفضائح التي تلاحقه؛ لكن الواقع غير ذلك تماماً، فالذي يطالب به «المتجمع» اليميني المتطرف في «إسرائيل» هو المزيد من التطرف والغلو في العدوان على العرب، والفلسطينيين خاصة. ففي أحد برامجها الإخبارية مؤخراً قالت القناة 13 «الإسرائيلية» إن نتنياهو أصبح يشكل خطراً على «إسرائيل»، وأنه يمكن أن يمس بصورتها الخارجية، مضيفة أنه مستعد للتضحية بحزب الليكود مقابل بقائه على كرسي الحكم.
وفي مداخلة لها قالت دانه فايس محللة الشؤون السياسية في القناة: «إن الاستطلاعات تقول إن 43% من الرأي العام «الإسرائيلي» يطالب نتنياهو بالاستقالة، وهذا يعني أن الجمهور «الإسرائيلي» ليس مغيباً عما يحصل من تطورات».
وبررت فايس رأيها قائلة: «حينما أصف نتنياهو بأنه خطر على الدولة، فأنا لا أعتمد في مفرداتي على معلومات متناثرة هنا وهناك؛ بل إنني استمعت في الآونة الأخيرة إلى كلام مقلق جداً من أناس يتواجدون في قلب النقاشات القانونية والقضائية، يعترفون أن نتنياهو كان خلال السنوات الماضية حذراً جداً في موضوعات الأمن، لا أقول إنه كان جباناً؛ لكنه تعامل في المسائل الأمنية بصورة أكثر عقلانية».
واستدركت المحللة بالقول: إنه «بعد أن حظيت «إسرائيل» بحرية عمل وحركة في سوريا وإيران بصورة غير مسبوقة، ها نحن نرى أن هذه الأعمال قد توقفت عشية الانتخابات».
لكن فايس أشارت إلى إمكانية أن يذهب نتنياهو لقرارات عسكرية؛ لإنقاذ نفسه من وضعه القانوني المتأزم، ناقلة عن مصدر مسؤول أن «هذه صفارة إنذار حقيقية، وهم قلقون من هذه الفرضية، فقد رأينا عشية الانتخابات السابقة في دورة سبتمبر كيف أن المستشار القانوني للحكومة أوقف في اللحظات الأخيرة قراراً لرئيس الحكومة بشأن تصعيد محتمل في غزة؛ لأن القرار اتخذ بصورة غير ملائمة، وربما ارتبط بالعملية الانتخابية».
وهذا الكلام وغيره من الذي يتفوه به المسؤولون والمحللون «الإسرائيليون»، إن دل على شيء، فإنه يدل على أن «المجتمع الإسرائيلي» اليميني، عندما يختلف مع نتنياهو أو غيره إنما يعبر عن رغباته في المزيد من التطرف، المحسوب النتائج، ليس إلا، وأن الخلافات السياسية، والعمليات الانتخابية في «إسرائيل» ترى في الاعتداء على العرب والإجرام بحق الشعب الفلسطيني، منصة لتحقيق المكاسب السياسية، والانتخابية فقط.
فلو تتبعنا الاتجاهات السياسية في «إسرائيل» ولا سيما في العقود الثلاثة الماضية نلاحظ أن هناك تصاعداً ملحوظاً لقوى اليمين السياسية والاجتماعية والدينية وبشكل مطرد، وأن «المجتمع الإسرائيلي»، بعمومه يتجه نحو التشدد؛ وذلك لطبيعته العسكرية ونزعته الأيديولوجية.
فكما هو معروف فإن أحزاب اليمين «الإسرائيلي» كلها تجمع على مواقف تتناقض، وأي عملية سلام في المنطقة، فالليكود الذي يتزعمه نتنياهو يعارض قيام دولة فلسطينية على حدود 1967، ويسعى إلى ضم المستوطنات، والسيطرة على غور الأردن، والاحتفاظ بالمسؤولية الأمنية على المنطقة من البحر إلى النهر؛ باعتبارها «أرض إسرائيل» على حد زعم المسؤولين الصهاينة.
ومثل الليكود يؤكد اليمين الجديد بقيادة جانتس ونفتالي بينت وأياليت شاكيد ما يسميه حق اليهود ب«كامل أرض إسرائيل»، إلى تكثيف الاستيطان، ويعارض قيام دولة فلسطينية.
وفي هذا السباق إلى التطرف نجد أيضاً، الحريديم الذي يضم كلاً من حركة «شاس» وحزب «يهدوت هتوراة» (يهودية التوراة) وحزب زهوت «الهوية»، الذي أسسه اليميني المتطرف عضو الكنيست السابق موشيه فيغلين، و«إسرائيل بيتنا» وهو أكثر الأحزاب تطرفاً من الناحية القومية، الذي يقوده أفيجدور ليبرمان، المعروف بتطرفه القومي والفاشي، ودعواته المتكررة لانتهاج سياسة التصفيات والاغتيالات، وإعادة احتلال غزة، وطرد فلسطينيي 48.
خلاصة القول: إن قدوم نتنياهو المثقل بفضائحه السياسية والمالية، أو غيره من القادة «الإسرائيليين»، لن يغير من حقيقة أن «إسرائيل» تتجه أكثر فأكثر نحو التطرف، الذي سيجعل من فرص السلام مع العرب، أشبه بالسراب في الصحراء.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"