تُراثُ زايد

ذاكرة المستقبل
05:46 صباحا
قراءة دقيقتين

إن شروط القيادة، على وفْرتها، وعِظَم التبعة فيها جميعاً، ليس يوجد بينها ما هو ألزم للقائد، من القدرة على سَبْر قوته، وسَبْر قوة خَصْمِه

(العقاد)

في البدء أشير إلى أن المقصود بتراث زايد في هذا الخطاب، هو تراثه الشفوي. أي حديث المجلس، حين كان حكيم العرب يبرز في ساعته التي يحددها هو، فيحدّث أبناء قومه، وأبناء بجدته، وأهله، بحديث الأيام والليالي، أو بثبوت أنساب الإبل والخيل والرجال، وغيرها.

وإذا أراد أحد أن يقوم بهذه المهمة الجليلة، فالأجدر به أن يطلع على رأي قُتيبة بن مسلم، في وكيع بن أبي مسعود.

ويقرّب الكاتب المتواضع إلى شأن هذا الحديث الذي يحتاج جمعه إلى فرق عمل خاصة، إننا في إهاب ذكرى رحيل الشيخ، في شهر رمضان المعظم، حين زحف الظلام على أبوظبي، ونحن في عصر ذلك اليوم من الشهر المكرم، والشعب صائم، لينعى الناعي فقيد الإمارات والعرب والمسلمين والأخيار في كل مكان.

فنحن الذين عايشنا إعلام الإمارات منذ ما قبل إعلان الدولة الاتحادية، أو عشنا التجربة اليومية، الواقعية، لهذه التجربة المباركة والفريدة، كما وصفها الشاعر العربي سميح القاسم، أثناء لقائي به في عمان، بين جمهرة من وجوه الأردن وفلسطين، قائلاً: ان كثيراً من حبر (أصحاب النظريات غير الواقعية) لا يساوي كلمة قالها زايد على طريق الوحدة والاتحاد.

وكان الشيخ الراحل، رحمه الله، يعرف قيمة الجريدة، ويقدّر أهمية الكتاب. وغالباً ما كان يعيد صياغة أقوال من سبقه من الحكماء، من دون أن يعرفهم، أو يطلع على خطاباتهم، خصوصاً ما تعلق الأمر منه بالآخر صديقاً، أو حتى عدواً.

ومقولاته التي سمعنا بها على لسانه، أو بمرويات كبار رجالاته، ومن بينهم أحمد السويدي، وحمودة بن علي، تعيد إلينا مقولات بعض الأفذاذ من القادة العرب.

وفي هدي هذا الحديث الطيب، كان يدور حديث بيني وبين الشاعر الأديب الإعلامي الدكتور محمد الطريحي، نزيل دار واشنطن الأمريكية، حول قصيدة له في حكيم العرب زاد عدد أبياتها على الخمسمائة.

وحين سألته: كيف تأتّى لك هذا الجوالق من الكلام؟ أجاب: أنت أدرى مني بحديث قتيبة بن مسلم، مع وكيع بن أبي مسعود، وأعرف مني في كيفية جَمْعِهِ.

وقد أصاب الشاعر المجنح في قصيده الهدف أكثر من سهم.

والرواية، ان قتيبة بن مسلم كان من نوابغ القادة المعدودين الذين أنجبتهم الأمة العربية في صدر الإسلام. وكان يلي خُراسان ملوك الدولة الأموية، فخرجتْ بها خارجة أهمتْهُ. فقيل له: وما يهمك منهم؟ وجهْ إليهم وكيع بن أبي مسعود، فإنه يكفيهم. فأبى وقال: لا، إن وكيعاً رجل يحتقر أعداءه. ومن كان هكذا قلّت مبالاته بعدّوه فلم يحترس منه، فيجد عدّوهُ منه غرّة.

صدق العقاد

وحديث زايد الشفاهي في حاجة إلى رجال أكفاء لجمعه، وإعادته للناس.

www.juma-allami.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"