جامعة زايد والخطوات الريادية

05:01 صباحا
قراءة 4 دقائق

تثبت جامعة زايد، وبشكل متوال، أنها قيمة مضافة في مجال التعليم العالي الجيّد في الإمارات، وتؤكد أن هناك جهوداً حقيقية من الدولة للمضي في طريق الريادة في نشر المعرفة المفيدة ذات القيمة غير العادية . فهذه الجامعة الفتية التي تأخذ اسمها من اسم شخصية لها الفضل في انتشار التعليم الجامعي في الإمارات، وهو المغفور له الشيخ زايد، والتي تقع في منطقة الروية بدبي، وهي منطقة تتميز بجمال طبيعتها الصحراوية من تلال رملية، وأشجار بيئية إماراتية، لا سيما حديقة الجامعة نفسها التي تساعد الطالب على الاسترخاء النفسي والبهجة والإبداع، بالإضافة إلى مبنى الجامعة المتميز، والذي يجمع بين مقاطع من المعمار التراثي، والعمارة الحديثة الأنيقة، كما تتميز الجامعة بباحاتها الواسعة المزروعة بالنخيل وأنواع من أشجار الزينة الأخرى .

وبالرغم من أن جامعة زايد لم يمض على تأسيسها سوى اثني عشر عاماً، فإنها أصبحت إحدى أشهر الجامعات في منطقة الشرق الأوسط بما تقدمه من برامج تعليمية عالية المستوى، وفيها اليوم ما يقارب ثلاثة آلاف طالب وطالبة . والذي يميز هذه الجامعة أيضاً، ويجعلها تضارع جامعات عريقة متقدمة، أنها تحتوي على التعددية في جنسية طلابها والتي تقدر ب 19 جنسية من مواطنين إماراتيين، ومن دول مجلس التعاون الخليجي، ومن آسيا وإفريقيا، ومن أوروبا وأمريكا وكندا . ولنتصور أن هذا الخليط من الأجناس وخاصة من دول متقدمة كأمريكا وكندا، لن تكون لترضى أن تبعث بأبنائها إلى مؤسسة تعليمية غير تلك التي في بلدها، لو لم تلمس الجودة الفائقة التي توفرها جامعة زايد للمنتسبين إليها، ناهيك عن التعددية في الأعراق والأجناس، ما يضيف بعداً حضارياً على ديمغرافية مجتمع الإمارات الذي أصبح من أكثر المجتمعات الشرق أوسطية استيعاباً للتعددية ونموذجاً للمجتمع المدني المعاصر .

وتقدم جامعة زايد برامج تعليمية في العديد من التخصصات التي تتماشى مع التطور الاجتماعي والاقتصادي الذي يتطلبه السوق الخليجي المتطور، والمجتمع الخليجي المتطور . وبإلقاء نظرة على النشرات التي تصدرها الجامعة تتراءى لنا هذه البرامج التعليمية الراقية المتجاوزة للتقليدية المتبعة في الجامعات العربية الرسمية، والتي تصل إلى ما يقارب 25 تخصصاً، ويتضح مدى تفهم القائمين على أمر جامعة زايد لحاجة إنسان اليوم للتكيف مع الحداثية المتماشية مع حاجة الإنسان المعاصر، وتلبية هذه الحاجة، وتطورها في المجالات العديدة .

وهنا يثار سؤال، وسؤال مهم، والإجابة عليه أكثر أهمية: هل الدولة وحدها مسؤولة مسؤولية منفردة عن توفير هذه الخدمات النافعة، وخاصة في مجال التعليم الراقي، والصحة الراقية اللذين هما على رأس الأولويات قبل أي خدمة أخرى؟ الجواب أن الدولة في أي مكان لن تستطيع بمفردها القيام بكل ما تتطلبه هذه الخدمات من الرعاية، لا سيما في تركيبة فدرالية كتركيبة دولة الإمارات، التي لا بد لمن يطرح سؤالاً أن يكون ملماً بالثقافة السياسية التي تميز بين الدولة المركزية القطرية، وبين الدولة الفدرالية القطرية، التي يكون للشأن المحلي فيها ضمن الفدرالية دور أساسي في تنشيط وتفعيل الخدمات العامة من قبل المؤسسات المحلية، ولا تعني المؤسسات المحلية، الحكومة المحلية وحدها، بل تعني المجتمع بأكمله كعاضد ومعاون . إذن المشاركة المجتمعية باتت خياراً استراتيجياً، كما يقول الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ورئيس جامعة الإمارات وجامعة زايد . والمشاركة المجتمعية تعني أن الناس تمد يد المساعدة والعون لهذه المؤسسات التعليمية والخدمية لتواصل تقديم خدماتها دون توانٍ وتؤدة . وعندي أنه لا بد من تخصيص جزء من دخول المؤسسات التجارية، والتي تزيد عن حاجتها، للصرف على هذه المؤسسات الخدمية من تعليم وصحة وغيرها، وتكوين لجنة عليا تتولى رعاية هذه الأموال المجمّعة وإدارتها وصرفها في أوجهها الصحيحة، ولعلّ توقيع اتفاقية التعاون بين جامعة زايد وجمعية بيت الخير والذي تم يوم الأحد الفائت 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري بين الشيخ نهيان بن مبارك رئيس الجامعة، وجمعة الماجد رئيس جمعية بيت الخير، يكون خطوة مباركة في سبيل دعم الجامعة، وبادرة خيرة للمساندة التي يقدمها المجتمع الإماراتي لمؤسساته الخدمية، وفي الوقت نفسه سررت كثيراً لما سمعته من مبادرة خير من قبل رجل الأعمال المعروف فرج بن حمودة، وتبرعه بمبلغ عشرة ملايين درهم للجامعة دعماً لتطوير الدراسات الصحية في الجامعة . وفرج بن حمودة معروف بأنه يأتي في مقدمة المواطنين الإماراتيين الخيّرين الذين يساهمون مساهمات مثمرة في أعمال الخير والإحسان في مجالات عديدة، وما عمله هذا إلاّ بادرة تستحث الهمم للمضي في هذا الطريق، طريق الخير النافع للوطن .

وقبل أن نختم هذا الحديث عن جامعة زايد وما تقدمه من منافع للناس، فإن الإنصاف يقتضي أن نشيد بالجهود الحثيثة التي تبذلها إدارة هذه الجامعة، وعلى رأسها رجل العلم والتعليم الشيخ نهيان بن مبارك، ومعاونه الدكتور سليمان الجاسم، وغيرهما من أجهزة الإدارة الذين أوصلوا جامعة زايد إلى هذا المستوى الراقي من الإنتاج والتنظيم .

agh@corys .ae

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"