جنرالات الصبر

04:59 صباحا
قراءة دقيقتين

ما بين حين وآخر، تعلن السلطة الوطنية الفلسطينية أنها سوف تتقدم بطلب إلى الأمم المتحدة تلزمها فيه بحث مسألة الأسرى الفسطينيين في السجون الإسرائيلية، بجدية عالية، وفق القوانين والمواثيق الدولية، تخلص من خلالها إلى قرارات تُجبر إسرائيل على تغيير معاملتها الوحشية لهؤلاء الأسرى .

غير أن الأسابيع والشهور تمر من دون أن تتقدم هذه السلطة بأي طلب، ما يفتح المجال أمام خيبة الأمل في صفوف الأسرى، ويدفع بهم بالمقابل، إلى التفكير بخطوات تصعيدية من جانبهم، يواجهون بها عنت واستبداد إسرائيل من جهة، وتقاعس السلطة الوطنية من جهة ثانية .

كانت السلطة الوطنية قد حصلت مؤخراً، على صفة دولة بعضويتها الجديدة التي حققتها بعد جهود مكثفة، في الأمم المتحدة، ما وفر لها تلقائياً، إمكان محاكمة إسرائيل على جرائمها المتواصلة والمتراكمة منذ سنوات طويلة، أمام المنظمات المختصة لهذه الهيئة الأممية .

لم تستخدم السلطة الوطنية هذا الإمكان، أو هذا الحق، حتى الآن، لأسباب تتعلق بالضغوط الشديدة جداً التي تمارسها الولايات المتحدة عليها، لمنعها فعلياً من استثمار هذا الحق/الإمكان داخل منظمات الشرعية الدولية .

مع ذلك، لا يتوقف الأسرى عن القيام بما يرونه مناسباً من جانبهم، من فعاليات، بما فيها الإضراب عن الطعام . غير أن فعاليات الإضراب عن الطعام لم تعد شاملة لعشرات وربما مئات الإسرى كما في الماضي، ما كان يجعل لها تأثيراً قوياً في الرأي العام، وإنما هي ذات طابع فردي . ويوجد الآن بضعة أسرى فقط، يخوضون معركة الأمعاء الخاوية منذ شهرين أو أكثر، ما يعرض حياة بعضهم للخطر الشديد فعلاً . ورغم المطالبات العديدة بإطلاق سراحهم، أو سراح من هو في دائرة خطر الموت على الأقل، فإن إسرائيل لا تكترث بذلك .

يبقى أن الأسرى يظلون بوصلة الضمير الفلسطيني، حتى لو تكاد تضيع هذه البوصلة في مراحل معينة، ما بين تقاعس السلطة الوطنية من جانب، وتخاذل الشارع من جانب آخر .

عدد الأسرى، كما يقول مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين، بلغ حتى نهاية يناير/كانون الثاني الماضي 4750 أسيراً، وهم يضمون مئات المرضى، وعشرات الأطفال، وأولئك الذين تجاوزت مدد اعتقالهم سنوات طويلة . فهناك 71 أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عاماً، ويطلق عليهم مصطلح عمداء الأسرى .

أما من تجاوزوا الخمسة والعشرين في سنوات الاعتقال، فيطلق عليهم جنرالات الصبر، وعددهم 24 أسيراً .

ويحق لنا القول إن جميع الأسرى هم جنرالات للصبر، في مواجهة جرائم إسرائيل .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"