حفيد مانديلا على خطى جده

03:10 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

في كلمة له على هامش مهرجان «فلسطين إكسبو» الذي أقيم في العاصمة البريطانية لندن مؤخراً، أكد شيف مانديلا، حفيد الزعيم والمناضل الجنوب إفريقي الراحل نيلسون منديلا، أن نظام الكانتونات العنصرية، لم ينجح أبداً في جنوب إفريقيا، وأنه سيفشل كذلك في فلسطين.
وأضاف مانديلا، وهو نائب في برلمان بلاده، خلال كلمته أن الحل الوحيد لفلسطين هو الدولة الواحدة، قائلاً «لقد كنا في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، نناضل سوياً لأجل تحرير فلسطين، وإنهاء الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، واليوم جنوب إفريقيا حرة، وغداً فلسطين ستكون حرة».
إنها كلمات بسيطة ومعبرة أطلقها حفيد مانديلا، لها الكثير من المدلولات العميقة، ليس لأنها تحمل معلومات أو أفكاراً جديدة، فحتمية انتصار الشعوب من الأمور المسلم بها تاريخياً، مهما امتلك الطغاة من القوة والجبروت، لكن المهم في هذه التصريحات أنها تأتي من شخص عانى وشعبه من الاضطهاد العنصري على مدى عقود، في تجربة لا تختلف كثيراً عن معاناة الشعب الفلسطيني الذي يقارع الحركة الصهيونية، والقوى الداعمة لها على مدى أكثر من مئة عام.
كما تكتسب هذه التصريحات أهميتها باعتبارها تأتي على لسان حفيد مناضل إفريقي أممي وهب نفسه من أجل تحرير بلاده من نير نظام الأبارتهايد العنصري، الذي كان يمارس أبشع أنواع التمييز والظلم العنصريين، بحق أهل جنوب إفريقيا الأصليين، وهو ظلم وتمييز عنصري لا يفوقه في البشاعة إلا الظلم والتمييز العنصري البغيض الذي تمارسه الطغمة العسكرية العنصرية الحاكمة في «إسرائيل» والتي تمضي على نفس نهج النظام العنصري البائد في جنوب إفريقيا، والذي عمد إلى بناء نظام الكانتونات العنصرية، تماماً كما يفعل الاحتلال العنصري الاستيطاني «الإسرائيلي» في فلسطين في هذه الأيام، حيث يشيد هذا الاحتلال البغيض أسوار الفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية، محولاً المدن والقرى والبلدات الفلسطينية إلى معازل عنصرية، تماماً كما كان يفعل النظام العنصري في جنوب إفريقيا، قبل أن ينهار بفضل صمود ونضال شعب جنوب إفريقيا، الذي استطاع تحرير بلاده من آفة العنصرية الكريهة.
ومن المفارقات التي تلفت الانتباه أيضاً ذلك التقارب الكبير في ميلاد نظام الأبارتهايد العنصري في جنوب إفريقيا، وتاريخ إقامة «إسرائيل» على أنقاض الشعب والوطن الفلسطينيين، ذلك أن أول استعمال معروف لكلمة «أبارتهايد» كان عام 1917 خلال خطاب ألقاه جان كريستيان سماتس، الذي أصبح لاحقاً رئيس وزراء جنوب إفريقيا، والذي يصادف العام نفسه الذي صدر فيه وعد بلفور، وزير خارجية بريطانيا بإقامة وطن لليهود في فلسطين، كما أن نشأة الفصل العنصري عادة تنسب إلى الحكومة الأفركانية التي كانت تهيمن على الحكم في الفترة من 1948 إلى 1994، والتي تعد في الواقع تركة الاستعمار البريطاني الذي أدخل نظام إصدار القوانين في مستعمرة الكاب ومستعمرة ناتال خلال القرن التاسع عشر، وهي القوانين المقيدة لحركة السود، والتي تعتبر منبع الأفكار والقوانين التي سار على طريقها نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا لاحقاً، تماماً كما هو الحال فيما تفعله «إسرائيل» حالياً.
ولو حاولنا المقارنة بين «إسرائيل» ونظام الفصل العنصري المنهار في جنوب إفريقيا، لأدهشنا ذلك التطابق الكبير في الحالتين، فنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا كان يعبر عن أطماع جماعة قومية من خلال الاستيطان والتأكيد على تميزها «العرقي الأرقى» عن السكان الأصليين، على الرغم من أنها كانت تشكل أقلية ضمن سكان هذه الدولة.
كما يُبقي نظام الفصل العنصري السكان الأصليين ضمن دائرة الحرمان والظلم ويمنعهم من حرية التنقل في بلادهم، والسيطرة على مقدرات البلاد الاقتصادية وثرواتها، بما في ذلك الأرض. أثمن الثروات إطلاقاً، وهو ما يمكن القول إنه التوصيف الدقيق لما يقترفه الاحتلال «الإسرائيلي» في فلسطين، من ممارسات تستند إلى الأفكار العنصرية المتطرفة التي تحكم العقل «الإسرائيلي».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"