عربي أم فارسي.. ما أنا سوى ممر مائي

كلمات
05:45 صباحا
قراءة دقيقتين

أطلقت إيران إنذاراً حول مشاعرها المتعلقة بتسمية الممر المائي الذي يقع ما بينها وبين دول الخليج العربية. وينص المطلب العدائي على ألا تسمي أي شركة طيران هذا الممر بالخليج العربي. وفي حال سمته بذلك فإن طائراتها تمنع من التحليق فوق هذا البلد. وقد صاحب الإنذار العجب لدى من سمعه، فليس هناك من داع حقيقة إلى تعكير الصفو، وتلبيد جو العلاقات بغيوم الفرقة، فالإصرار على التسمية لن يجعل لدى الآخرين المسمى حقيقة.

وبعد سماعها الأخبار، قررت المياه نفسها أن تخرج عن صمتها وتتحدث في أول ظهور علني لها فخاطبت المراسلين الذين تجمعوا بانتظام على طول ساحلها، وشرحت لهم أنها لوقت طويل كما تتذكر أحست بالتوتر يسود جيرانها. الجيران الذين اعتبرتهم دائماً أهلها.

وقالت المياه إنها قد شعرت بضغط متناه عليها من الجانبين لتختار واحداً دون الآخر، وعندما بقيت صامتة، أخذ أفراد أسرتها على عاتقهم أن يسموها بأنفسهم، فدعاها بعضهم الخليج العربي ودعاها بعضهم الآخر الخليج الفارسي. وقبل هذا وذاك دعوني خليج البصرة.

ولم تمانع المياه في أن يكون لها اسمان، فقد أشعرها ذلك بأنها فريدة، بل ومتميزة. فلا مياه ولا محيط اتخذ اسمين بسبب تلك المسألة. وأرغت المياه وأزبدت ثم تقلبت، والمراسلون يقذفونها بأسئلتهم متلهفين ليسمعوا منها إلى أي الاتجاهين تشعر هي بالانتماء حقاً.

وتكلمت المياه بعذوبة وراحت تذكر العالم بأن قضيتها في الثمانينات قد أثارت خلافاً بين الجيران وأنه بسبب كثير من الاعتبارات لم ينجم عن ذلك أي تسمية رسمية لها. وبقيت المياه صامتة حينها فقد بدا الجميع سعداء بتسميتها بما شعروا انها تمثله لهم. وقد تساءلت بصوت مرتفع ما الفرق الذي يحدثه اسمها؟ وسمعت جولييت شكسبير تجيبها قائلة هذا ما نسميه وردة، تعبق وتحلو بأي اسم سميت!.

وهي على حق، لأن اسمها لن يغير حقيقة أنها قديمة قدم الزمن، أو أنها كانت صلة الوصل التي أنعشت التجارة وسمحت بتمازج الثقافات. فكيف تغدو اليوم عامل تفريق؟ لم يكن ذلك على الاطلاق بسبب من أنانيتها.

وشعرت المياه بالتعب، فوضعت راحتيها على الشط لعلها تحقق بعض التوازن. وراحت تعبر عن مخاوفها وحزنها من الأوضاع العالمية فالأخ في عائلتها يواجه الولايات المتحدة ويعاني من أزمة سياسية، وأخ آخر يجذب الانتباه السياسي والإعلامي نتيجة أحداث كثيرة، آخرها عملية اغتيال غادرة أقضّت مضجع المكان الآمن. وفي غمرة ذلك كله ترى المياه أن تكون هي صاحبة هذه الأهمية. ولأن العرب سكنوا الضفتين منذ فجر التاريخ فهم من أحق بالتسمية.

وفي ختام المؤتمر الصحافي طلبت المياه أن تخاطب أهلها:

لقد كنت هنا قبل أن تسموني بوقت طويل، وسوف أبقى هنا طويلاً بعد أن سمّيتموني، والتسمية لا تعني إلغاء الحقوق والامتيازات، ولن أتخلى عن أي منكم. وسوف أبقى هنا لأني أحبكم لا لشيء آخر. فلا تجعلوني سبباً في مواجهة بعضكم بعضا. وفي النهاية، ما أنا سوى ممر مائي!!.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​رئيس تحرير صحيفة Gulf Today الإماراتية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"