عمل المرأة الإماراتية وشغف التميز

04:32 صباحا
قراءة 3 دقائق

كانت المرأة الإماراتية ومازالت رائدة في السعي لتحقيق ذاتها . وعندما أبصر اتحاد الإمارات العربية النور، فتحت المرأة عينيها لترى أحلامها قد تحولت إلى حقيقة على يدي والدنا ومؤسس دولتنا الحبيبة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله وطيب ثراه . فلولا جهوده الجبارة في أنحاء البلاد كافة في دفع المرأة وتشجيعها على التزود بالعلم لما وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم .

وفي السبعينات من القرن الماضي، بدأت المرأة الإماراتية سعيها لتحصيل العلم والمعرفة بخطوات حثيثة وبظمأ شديد، وقد كانت شُجاعة بما فيه الكفاية لدخول مجالات غريبة وجديدة عليها . ورغم ذلك، مشت المرأة الإماراتية بخطوات واثقة لتشق طريقها في قطاعات هيمن الرجل عليها، وأثبتت جدارة وقدرات تدعو إلى الفخر والاعجاب .

وخرجت المرأة الأم من بيتها لتصبح معلمة وتشغل مناصب كانت حكراً على الرجال، وأصبحت في ميدان العمل تنافس المعلمين الوافدين الذين كانوا يتدفقون من كل بلدان الشرق الأوسط للعمل في الإمارات . لقد كانت امرأة السبعينات الرائدة، قدوة لبنات جيلها ومازالت حتى اليوم نموذجاً يحتذى به .

وفي الثمانينات، بلغت نسبة النساء 6،2 في المئة من القوة العاملة في الإمارات . واستمرت هذه النسبة في ارتفاع حتى غدت في يومنا هذا أكثر من 50 في المئة . وفي هذا دليل قاطع على أن المرأة الإماراتية قد وصلت إلى ما كانت تصبو إليه وحققت أحلامها في الاستقلال مادياً .

ولم تكتف المرأة الطموحة بما وصلت إليه، بل واصلت مسيرتها الاقتصادية المستقلة، وفي خطوة جريئة قوبلت بالترحيب الشديد، قررت نساء كثيرات التخلي عن الوظيفة والسعي وراء المشاريع التجارية الخاصة، وسرعان ما بدأت مشاريع تملكها وتديرها النساء تظهر على الساحة التجارية المحلية .

وفي بادئ الأمر، اقتصرت تلك المشروعات التجارية على متاجر للعباءات، أي على زي المرأة الإماراتية الوطني . وقد كان من الطبيعي أن تكون العباءة النافذة الأولى التي تطل منها المرأة على عالم الأزياء .

ومما يدخل البهجة والحبور إلى القلب، أن نرى المرأة الإماراتية تصمم زيها الوطني بنفسها، فمن أقدر على ترجمة تجربة ارتداء العباءة إلى أزياء من امرأة تلبسها كل يوم؟

لقد حولت خطوة المرأة هذه مادة أساسية في المجتمع الإماراتي إلى أزياء ارتفعت أسعارها من بضعة دراهم في التسعينات إلى ما يربو على آلاف الدراهم اليوم، ما يثبت أن متاجر العباءات نماذج تجارية عظيمة ومشروعات تعود بالربح الوفير .

وفي زمن قياسي، تهافتت النساء على شراء وتصنيع العباءة الإماراتية، فغصت البلاد بمتاجر العباءات، وخلافاً لنظريات العرض والطلب، ازداد عدد المتاجر، فارتفعت أسعار العباءات وزاد الطلب عليها .

وعندما غرق السوق بالعباءة الوطنية السوداء، انتقلت المرأة الإماراتية إلى شيء أكثر حلاوة، ألا وهو صنع الحلوى . وقررت في ما يذكّر بمشروعات طهو الفطائر وصنع المربيات التي اشتهرت بها المرأة الأمريكية في الخمسينات، أن تصنع الكعك الصغير أو كعك القوالب ليتحول في الإمارات إلى ظاهرة تشبه الجنون . وقامت بعض الإماراتيات بفتح محال لبيع هذا الكعك، أما البعض الآخر فقد قمن بخبزه في البيت وارساله إلى محلات مخصصة .

ومرة أخرى، أثبتت المرأة الإماراتية أن النجاح سيكون حتماً حليف مشروعها الحلو . ومع الوقت، فاحت في جو الإمارات رائحة الكعك الطازج المسكوب في قوالب صغيرة .

وبالرغم من أن تكرار النماذج التجارية الناجحة لا عيب فيه البتة، لكنه من الواضح أن المرأة الإماراتية قد حشرت نفسها في زاوية مطلية بسكر الحلوى . فإذا ما قدر لأحدكم أن يتجول في معارض الجامعات حيث تقام مشروعات الطلاب التجارية الصغيرة فلابد أن يتكون لديه انطباع بأن الركود قد أصاب الفكر التي أصبحت محصورة بين الطعام والأزياء .

ترى ما الذي حدث للقطاعات التجارية الأخرى؟ هل اختفت خلف صفوف العباءات واجتياح السكر؟ على الإماراتيات الشابات أن يدركن أن القدرة هائلة في فرص الربح في المجالات التجارية المختلفة التي لا تمهد لهن الطريق لولوج عالم الأعمال فحسب، بل تعطيهن الفرصة كي يصبحن رائدات في هذا المجال أيضاً .

الإبداع كلمة نعيشها في إماراتنا، ونحن نسعى دائماً للوصول إلى أعلى المستويات، ونجد في هذا السعي باستمرار، وينبغي ألا نفقد شغف التميز . وإذا كان للجرأة والمجازفة مخاطرها، فهي لابد تجلب معها التغيير والتنوع . ولقد أثبتت المرأة الإماراتية أنها منافسة جديرة في مكان عملها، وعليها الآن، أن تسعى لتثبت ذلك في القطاع التجاري الخاص أيضاً .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​رئيس تحرير صحيفة Gulf Today الإماراتية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"