عن أحدث مفاجآت ترامب

03:00 صباحا
قراءة دقيقتين
د.عبدالعزيز المقالح

نقول ونكرر القول إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رئيس المفاجآت بلا منازع، وإن بعض مفاجآته كانت من الوزن الثقيل. ومن وجهة نظري ليس قرار انسحاب القوات الأمريكية من سوريا هو المفاجأة، وإنما ما رافق قرار الانسحاب من تصريح هو الأخطر في تاريخ الولايات المتحدة، وأعني به قوله إن بلاده لا تريد أن تكون شرطي أمن في الشرق الأوسط. وسواء كان جاداً في هذا القول، أو مهدداً به فقط، فقد كان التصريح الأول من نوعه لرئيس أمريكي لم يراع فيه أن هناك أكثر من دولة تريد أن تكون هذا الشرطي، وفي المقدمة روسيا التي تسعى جاهدة أن تكون البديل، والوريث لنفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وفي غيره من المناطق الساخنة.
لقد فتح الرئيس ترامب بقراره الأخير، وبتصريحه المثير، شهوة كثير من الدول القريبة من هذا الشرق والبعيدة عنه، لأن يكون لها دور يكبر، أو يصغر، إلاَّ بعض المعنيين، وفي مقدمتهم أصحاب الشأن من أبناء الأمة العربية الذين نجح الأعداء في إيجاد ما يشغلهم ويبعدهم عن قضاياهم الرئيسية.
وما كان كل هذا الذي حدث، ويحدث، سيتم وبالصورة التي تم بها، لو أن الواقع العربي لم يصل إلى ما وصل إليه من تفسخ واضطراب، ومن احتراب وتباعد عن الموقف الجاد وما تتطلبه المرحلة من وعي بالمخاطر، وإدراك لما تعده القوى الطامعة من مخططات وخرائط، لمزيد من التقسيم، والتجزئة، والإجهاز على البقية المتبقية من مشاعر الإحساس بأهمية التضامن القومي، وإظهار أن الأمة - رغم مشاكلها الكبرى - لم تصل بعد إلى الحضيض، ولا تزال هناك قلوب تنبض، وإرادة قادرة على إدراك معالم الصواب.
ولا بد أن نمتدح للرئيس ترامب بعض مفاجآته التي قد توقظ مشاعرنا، وتجعلنا على استعداد لمواجهة مفاجآت أشد في زمن أهم ملامحه السياسية تتجلى في اختلال واختلاف موازين التفكير، فما كان بالأمس صحيحاً سياسياً- صار اليوم خطأ- وما كان خطأ -سياسياً- صار اليوم صواباً، وتلك هي لعبة السياسة منذ زمان طويل، لكنها باتت ألآن مكشوفة أكثر من أي وقت مضى نتيجة للتوسع في وسائل الإعلام، وتركيزها على التحولات السياسية، والاقتصادية.
ولا مناص لنا كأمة واحدة من تجاوز الخطايا التي أوقعتنا في هذا المستوى من الإهمال لكل ما يتعلق بشؤوننا السياسية، والعلاقة الواضحة مع الآخر القريب والبعيد، والموالي والمعادي.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"