فخ التسوية

03:18 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

حين يزعم وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أن فرض رئيس وزراء «إسرائيل» بنيامين نتنياهو «السيادة» على مستوطنات الضفة الغربية المحتلة «لا يضر بالسلام»، تكون الطبخة التي يعدها البيت الأبيض قد استوت أو كادت، وهذا التصريح يعد مباركة مسبقة لما سيقدم عليه نتنياهو الذي تعهد قبل الانتخابات الأخيرة أنه سيلحق الضفة الغربية بمصير القدس والجولان وسيحظى بالاعتراف الأمريكي.
ما قاله بومبيو، في حديث لقناة «سي إن إن»، يكشف ملامح التسوية الجديدة التي تعتزم إدارة دونالد ترامب طرحها بديلاً جديداً لكل الأفكار المطروحة منذ 40 عاماً، وهي خطة مرفوضة سلفاً فلسطينياً وعربياً لأنها ستعمل على تقويض الوجود الفلسطيني. وفي الواقع تراهن الولايات المتحدة و«إسرائيل» على رفض الخطة لا قبولها، ليطلق ترامب يد نتنياهو ليفعل ما يريد بحجة أن الفلسطينيين «لا يريدون السلام»، وأولى خطط هذا المتطرف بسط «السيادة الإسرائيلية» على المستوطنات الكبرى والنائية التي تضم أكثر من 400 ألف مستوطن يتناسلون يومياً.
بعض الشخصيات الأمريكية والزعماء اليهود المعروفين بدفاعهم عن «إسرائيل» حذروا إدارة ترامب وبالتالي نتنياهو من ضم مستوطنات الضفة الغربية، معتبرين أن خطوة كهذه ستفاقم الصراع، وستقضي بالكامل على السلطة الوطنية الفلسطينية، مما سيدفعها إلى حل نفسها بنفسها، وتترك الاحتلال ومستوطنيه في مواجهة الشعب الفلسطيني الذي يتحرق للمقاومة وأخذ ما ضاع منه بالقوة، وفق ما تقضي المواثيق ومبادئ تحقيق مصير الشعوب.
النظرة الأمريكية-«الإسرائيلية» القاصرة تعتقد أن ضم القدس والجولان ثم الضفة الغربية سيحقق الأمن والنصر للاحتلال، بينما يشير الواقع إلى أن هذا التوجه مجرد وهم بائس، فليس هناك شيء ثابت، والقضايا العادلة مثل قضية الشعب الفلسطيني، ستنتصر حتماً على جلادها، وستواجه بالقوة والصبر المؤامرات المتعاظمة. وحين توصي نخبة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري الأمريكيين إدارة ترامب بعدم التورط في خطأ تاريخي، ربما لقناعة لديهم بأن الولايات المتحدة ستخرج خاسرة في النهاية وستلحق ضرراً لا يمكن جبره بحليفتها «إسرائيل».
تحالف ترامب-نتنياهو يحاول أن يفرض معادلة جديدة على المنطقة بإجبارها على قبول مخطط التصفية، والظاهر أن الفلسطينيين ومَن وراؤهم، من عرب ومسلمين وأحرار في العالم، تفطنوا مبكراً إلى هذا «الفخ»، ولذلك لن تمر التسوية أو الصفقة الجديدة، وإذا جرى تمريرها، تحت أي ظرف من الظروف، ستكون وبالاً على من أطلق وراهن عليها. فبعد الاعتراف الأمريكي بضم القدس والجولان لكيان الاحتلال، فقدت واشنطن مصداقيتها، وهو أول أفول نفوذها في المنطقة، فالشمس عندما تصبح في كبد السماء تأخذ طريقها إلى الغروب، وكذلك هي السياسة الأمريكية ومصير حليفتها «إسرائيل».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"