قناة بنما وخطر الجوائح

عن أهمية الصحة كتب الفيلسوف الأمريكي «رالف والدو إميرسون» في أحد مؤلفاته الشهيرة عام 1860 أن «الصحة هي أولى الثروات»، فالصحة مهمة لأن الناس يولون أهمية كبيرة للعيش حياة طويلة خالية قدر الإمكان من أي اعتلال بدني أو عقلي.
ومن أوضح مؤشرات التقدم في الرعاية الصحية الزيادة الحادة التي تحققت في أعمار البشر حيث زاد متوسط العمر بأكثر من 23 عاماً رغم أن هناك تفاوتاً بين البلدان بهذا الصدد، فهناك فجوة قدرها 38 عاماً بين البلد صاحب أطول متوسط عمر متوقع وهو اليابان حيث يسجل متوسطاً قدره 83 عاماً والبلد صاحب أقصر متوسط عمر للبلدان وهو سيراليون حيث يسجل متوسطاً قدره 45 عاماً.
ومع ذلك، لا تزال صحة الإنسان تتعرض لأخطار جسيمة، ويرجع ذلك لعوامل عديدة لعل من أبرزها ما ذكره الاقتصادي لورنس سامرز، وهو أن درجة الوعي بمخاطر الجوائح منخفضة للغاية، وينبغي أن يعرف كل طفل عن جائحة الإنفلونزا التي وقعت في عام 1918 وأودت بحياة 100 مليون نسمة من مجموع سكان العالم البالغ آنذاك ملياري نسمة.
وعلى الرغم مما ورد في تقرير صدر مؤخراً عن البنك الدولي ويعرف الجوائح بأنها أحد أهم ثلاثة مخاطر في العالم - بجانب تغير المناخ والأزمات المالية فإن معظم المناقشات والتقارير والرسائل الرسمية لا تولي اهتماماً بمخاطر الجوائح. وهو ما تبين من تفشي فيروس كورونا المستجد الذي أعلنته منظمة الصحة العالمية رسمياً وباء عالمياً، وما ترتب على ذلك من إنفاق في مواجهة الوباء والآثار الصحية والاقتصادية المترتبة عليه.
واقع الأمر أن الفيروس فاجأ العالم بأسره وكشف نقاط الضعف الكامنة في اقتصادات العالم وذكر العالم بالحاجة إلى ضرورة الانتباه إلى الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع والحاجة إلى التعاون العالمي. علاوة على التأثير الصحي المباشر لفيروس كورونا المستجد، فإن أزمة بهذا الحجم كان لا بد أن تؤدي الى نوعين مباشرين من الصدمات الاقتصادية. الصدمة الأولى للإنتاج، بسبب تعطل سلاسل التوريد العالمية. والصدمة الثانية للطلب، فبسبب اتخاذ الحكومات لتدابير لإبطاء انتشار هذا الوباء مثل تعليق السفر وغلق المطاعم ومراكز التسوق والوجهات السياحية وهناك توابع غير مباشرة مثل الانخفاض الأخير في أسعار النفط.
ومع انتشار هذه الصدمات وغيرها يمكن أن تضطر الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم المجهدة بالفعل إلى الإغلاق مما يؤدي إلى تسريح العمال وفقدان ثقة المستهلك وإلى المزيد من التخفيض في الاستهلاك والطلب الكلي.