من الذي جاء بمسمى راك؟

كلمات
05:41 صباحا
قراءة 3 دقائق

يتوارث البشر بطبيعتهم بعض الأخطاء ويعظمونها من دون أن يسألوا عن سبب حدوثها حتى تصبح حقيقة راسخة تؤصل مع مرور السنوات القاعدة التي تقول: (الخطأ الشائع المألوف يصبح صحيحاً)، وتفرض بتأصيلها وتقبلها على المجتمع رأي من يؤمن بالمقولة المعروفة: (الخطأ الشائع خير من الصواب المهجور)، وهذا ما يقوم به بعضنا الآن للأسف الشديد . ففي الوقت الذي تتشبث فيه الأمصار والدول والأمم والشعوب بجذورها، وهي تفتح نوافذها للثقافات العالمية، إيماناً منها بأهمية التلاقي تحت ظلال الحضارة الإنسانية، بشرط ألا تصادر أو تمحو أي مكون ثقافي ولا تعبث بالجذور الأصيلة، نتنازل نحن من تلقاء أنفسنا عن هويتنا المكانية، وبعدنا التاريخي وموروثنا الشعبي، ونكرس لمفاهيم ومسميات جديدة لا تمت لعروبتنا بشيء فقط بغية التميز المهجن والممقوت من الآخر قبل مقت العارفين منا لمدلولاته غير المستحبة أو لمسبباته الواهية الحجة، التي من أهمها أننا نعيش في زمن السرعة، ولهذا فإن الوقت الذي اكتشف مقدار حرصنا الشديد على عدم هدر ساعاته هو الذي أوحى إلينا وأمرنا بأن نختصر مسمى رأس الخيمة ذا الأبعاد والتفاصيل والمعطيات العظيمة إلى (راك)، وما أدراك ما راك، لا دلالة ولا معنى سوى المسح والخسف والبحث عن المسمى اللا قديم واللا حديث، الذي يزيد الأمر ريبة .

هنا تبنى بعض الجهات المسؤولة ذات القرار هذا الاسم منذ بدء ميلاده إلى أن ترعرع وأخذ يلهو ويمرح بكل تبجحٍ على الألسنة وعبر الأثير من خلال ما يسمى ب (راك أف أم)، حتى أصبحنا نترحم على الزمن الذي كنا نسمع فيه إذاعة الإمارات العربية المتحدة من رأس الخيمة، وليت الأمر توقف عند هذا الحد، ولم يصل إلى تلك الفئة من شبابنا الذين كّرسوا استخدام هذا المسمى وأصبحوا يتداولونه هنا وهناك، من دون أن يشعروا بأنهم بهذا قد تجاهلوا انتماءهم وتاريخهم الضارب في الزمن، فهل سيأتي اليوم الذي سنسأل فيه عن اسم راك القديم فيكون الجواب رأس الخيمة، ونكون بهذا قد مسحنا جلفار من الذاكرة، وغرسنا في خاصرة أحمد بن ماجد سيف التجاهل والنسيان، وأقمنا مهرجانات الوفاء التاريخية والأيام التراثية لمسمى رأس الخيمة .

إن ما أقوله ليس ضرباً من الخيال أو الشطحات غير المبررة إنما هو قراءة واضحة وصادقة للواقع والمستقبل، وإلا بماذا نفسر انتشار اسم راك المفروض من دون دلالة أو معنى أو برهان، واستحواذه على الكثير من المؤسسات خاصة التجارية منها، فأصبحنا نقرأ ونردد راك مول وراك بنك وراك موتورز . وحتى أكون منصفاً فإن بعض هذه المؤسسات تحمل لوحاتها التعريفية اسم رأس الخيمة، ولكن كُتب بخط صغير تحت مسمى راك الذي أُعطيَ الصدارة وطرز بالألوان الفاتنة والساحرة للأنظار .

كل مسميات الإمارات لها مختصر بالأحرف اللاتينية لكنها لم تكرس وتلغي الاسم العربي إلا رأس الخيمة، لماذا؟ لست أدري وليس لدي سوى كف الدعاء، فاللهم إني قد بينتُ ووضحتُ فهب لي صحبة من قومي أشدد بهم أزري لكي نحافظ جميعاً على اسم رأس الخيمة ما استطعنا، فإن هذا الاسم يا ربنا عزيز علينا، اللهم سخر لهذا الاسم من يصدر قراراً يحميه من تسلط راك، اللهم آمين .

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"