في البداية ليس لي إلا أن أقول: إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لفراقكم لمحزونون أيها الأبطال الذين فقدناكم في غمضة عين، في حين أن آباءكم وأمهاتكم تحملوا سهر عقدين من الزمن حتى أنجبوكم وربوكم وربوا فيكم البطولة والشجاعة.
جنودنا الأبطال: منكم من غادر بالأمس أرض الوطن «الإمارات الحبيبة» إلى أرض الشهادة والفلاح «اليمن»، وقد ودع والديه وإخوته وكل عزيز عليه، بعد أن تمنى أن يعود لكي يكمل فرحة زواجه.
ومنكم من غادر وهو يودع زوجته الحامل لتوها، ووعدها بأن يعود إليها ليكحل عينيه برؤية طفله البكر، ومنكم من غادر وهو يودع زوجته وأطفاله الذين لم يكن يصبر عنهم ساعة، ولكن ماذا يفعل؟ إن تلبية نداء الواجب قبل كل شيء.
هؤلاء هم أنتم اليوم تعودون إلى أرض الوطن، ولكن تنامون في توابيت في شموخ ملفوفين في علم الإمارات، وما أدراك ما الإمارات، الإمارات هي الوطن الذي قال عنه الشاعر:
وطني لوشُغلت في الخلد عنه
نازعتني إليه في الخُلد نفسي
شهداءنا الأعزاء: لقد أثبتم أن ثلاثة أسماء لا تنسى ومحفورة في قلوبكم دائماً وأبداً: الله ثم الوطن ثم رئيس الدولة، فأنتم لو لم تكونوا تحبون الله لما لبيتم نداء الوطن، ولو لم تكونوا تحبون الوطن لما لبيتم نداء رئيس الدولة.
نعم نعم... إن أصدق الرجال من يرخص روحه ودمه عند النزال في ساحة المعركة، لقد كبرتم ورب الكعبة في عيوننا وعيون العالم، وإن آباءكم وأمهاتكم اليوم يشعرون بأنهم ولدوا من جديد، كيف لا وهم يمشون شامات بين الآباء والأمهات، ويقفون قامات في المجالس والمحافل، ويفتخرون هامات إذا قيل من فيكم آباء الأبطال ومن فيكم أمهات الأبطال؟.
هذا هو موقف الآباء والأمهات المشرف، وأما قيادتنا الرشيدة (صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد نائب القائد الأعلى ولي عهد أبوظبي وأصحاب السمو حكام الإمارات جميعاً) فإنهم أكثر فرحة وسروراً وفخراً واعتزازاً بتضحياتكم وشهادتكم، لأنهم أدركوا اليوم أن دولة الإمارات بكم ترقى وبكم تصعد إلى مقدمة دول العالم في الحرب والسلام.
نعم نعم نحن دعاة السلام في المرتبة الأولى ولكن إذا أقحمنا في الحرب فإننا مستعدون أن نبذل النفس والنفيس، ندافع عن أرضنا وشعبنا وكرامتنا ووطننا، ألا ووطن أبناء الإمارات ليست أرض الإمارات فحسب، بل كل بلاد العرب من لبّ وطننا، وأبناء دول مجلس التعاون أشقاؤنا، وأبناء الدول العربية هم إخوتنا في المنشط والمكره.
نقول لأعدائنا لا تظنوا أن استشهاد بضعة رجال من جنودنا يثنينا عن عزمنا على إكمال مسيرة التحرير لأرض أنجبت قحطان وعدنان، ألا وإن تحرير اليمن من عبث العابثين أولى أولوياتنا، وإن الوقوف مع الشقيقة الكبرى السعودية أهم مهمّاتنا، وهكذا نحن نقول للكويت والبحرين وقطر وعمان، من وقف معنا في محنتنا وقفنا معه، ألا وإن الظفر لا ينفصل عن الجسد.
اللهم ارحم شهداء الإمارات والسعودية والبحرين في اليمن واجعلهم في سجل والديهم واجعلهم شفعاء لهم ولنا يوم القيامة، اللهم أنزل الصبر والسلوان على أهاليهم، اللهم وفق قيادتنا ووفقنا جميعا لنقف معهم ونشد من أزرهم في مواقف البلاء والابتلاء، اللهم انصر جيش التحالف في اليمن بفضلك لا بفضل أسلحتنا، فلا ناصر إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك، وآخر دعوانا:
كلّنا نفديك .. بالدما نرويك .. نفديك بالأرواح .. يا وطن.
