هل تجمدت قضية فلسطين؟

04:37 صباحا
قراءة 3 دقائق
إلياس سحاب
ها هي قضية فلسطين تقترب (بعد عامين) من أن يصبح عمرها قرناً كاملاً من الزمن، إذا اعتبرنا البداية هي وعد بلفور وسريان الانتداب البريطاني على فلسطين .
بعد مرحلة التأسيس البريطاني- الصهيوني مرت القضية، حتى يومنا هذا، بثلاث مراحل تطور رئيسية:
1- نشوب ثلاث حروب عربية كبرى على التوالي هي حرب 1948 و1967 و،1973 لكن سوء القرار السياسي (وغيابه في البداية) وسوء الاستعداد، وتفكك الجبهات العربية في الحروب الثلاثة، أدى في النهاية، وبإدارة كارثية من أنور السادات، إلى فرض التطور الأسوأ في تاريخ القضية، في مقابل استعادة لأرض سيناء منقوصة السيادة الوطنية، إلى خروج مصر من الصراع الاستراتيجي الذي تدور القضية في إطاره، والتمهيد لخروج متدرج لبقية الدول العربية من الصراع، وأصبحت النتيجة التاريخية لهذا التحول بالذات، هي إحاطة الكيان الصهيوني بمعاهدتي سلام مع أكبر دولتين عربيتين حدوديتين: مصر والأردن، في مقابل خروج الدول العربية كافة من الصراع .
2- نشأت على أثر هزيمة ،1967 حركة المقاومة الفلسطينية المسلحة، التي مرت بتطورات كثيرة، لكننا وصلنا في الحصيلة النهائية إلى ضرب لهذه الحركة باتفاقية أوسلو، التي انتزعت من المقاومة كل شيء، ويثبت في يومنا هذا أنها لم تعطها بالمقابل أي حق من حقوقها التاريخية، إلا إذا اعتبرنا الوجود الذليل لسلطة فلسطينية خاضعة تماماً لسلطة الكيان الصهيوني، هي تحصيل لحق من الحقوق التاريخية .
ومع أن بارقة من استمرار المقاومة كانت تنطلق من قطاع غزة بين الحين والآخر، فها هي الجولة الأخيرة، تنتهي بانتشار الأخبار عن مقايضة إعادة إعمار قطاع غزة، بهدنة طويلة مع الكيان الصهوني، أقلها خمس سنوات .
3- أما التطور الأهم والأعمق أثراً في مجرى الصراع حتى يومنا هذا، فهو انصراف الكيان الصهيوني منذ العام ،1948 وحتى يومنا هذا، إلى تهويد جغرافي وتاريخي وبشري لأرض فلسطين العربية . وهي حركة نشطت بشكل خاص بعد سقوط الضفة الغربية والقدس العربية تحت احتلال عام 1967 .
ومع تفاقم الآثار السلبية لهذه التحولات الثلاثة الكبرى على المجرى التاريخي للصراع، والمتوجة بالخروج الكامل للنظام العربي الرسمي من الصراع، فتحت أربع جبهات عربية داخلية في كل من سوريا والعراق ومصر واليمن، تعيث اضطراباً وانكفاء، وامتدت بآثارها إلى بقية الدول العربية، فأصبح الوضع العربي الرسمي أشد ابتعاداً عن أداء أي دور، ولو ثانوي، في المجرى التاريخي للصراع العربي- "الإسرائيلي"، إذ انصرفت إلى معالجة مشكلاتها الداخلية الطارئة، كل على طريقته، بعيداً بعداً شاسعاً عن القضية المركزية: فلسطين .
ينصرف الكيان الصهيوني في هذه الأيام إلى التعامل مع الاهتزازات السياسية التي أطلقتها داخل الكيان الدورة الانتخابية الجديدة للبرلمان، وتتصاعد في أطراف الأفق بارقة فلسطينية إيجابية هي اضطرار القوائم العربية إلى التوحد، لأول مرة في تاريخها، في قائمة واحدة، احتلت الموقع
الثالث بين مختلف القوى السياسية في برلمان دولة الاحتلال . لكن هذه البارقة إلى جانب وجود مقاومة على الحدود اللبنانية - "الإسرائيلية"، تضع بعض الكوابح للمطامع "الإسرائيلية"، فإن الخط البياني العام مع اقتراب مرور قرن كامل على انطلاق القضية، يشير إلى أن كل المتاعب الداخلية للكيان الصهيوني، لم تبلغ بعد حد تهديد هذا الكيان وتحويله إلى وضع أكثر ملاءمة للمصلحة العربية في الصراع، وهو وضع لا شك بأنه ينتطر ولادة ظروف عربية أفضل، وعودة عربية جادة إلى المجرى التاريخي للصراع، وهو أمر لا يبدو قريباً في الأفق .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"