هل تنضم اليابان إلى البنك الآسيوي للاستثمار؟

01:58 صباحا
قراءة 4 دقائق
د. عبد العظيم محمود حنفي *

أسس بنك AIIB ) Asian Infrastructure Investment Bank البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية ) في عام 2014 من أجل التنمية الاقتصادية في منطقة آسيا من خلال تطوير البنية التحتية، بناء على مبادرة تقدم بها الرئيس الصيني «شي جين بينج» أثناء جولته الآسيوية عام 2013، ضمن جهود الصين الرامية إلى إنشاء تكتل اقتصادي صيني جديد. علماً بأن هناك مؤسسة مالية دولية أخرى مقرها أيضا في آسيا هي بنك التنمية الآسيوي بقيادة اليابان والولايات المتحدة الأمريكية. وفي مبررات إنشائه أشار القادة الصينيون إلى أن اقتصاد آسيا شهد نمواً سريعاً نسبياً مع تعميق التعاون في التجارة والاقتصاد الإقليميين، بيْد أنه يواجه أيضاً العديد من التحديات، وخاصة في ظل معاناة الأسواق الجديدة والبلدان النامية من تخلف البنية التحتية. وإن بنوك التنمية متعددة الأطراف القائمة أموالها مقيدة ومعدلات الودائع بها مرتفعة نسبياً في الكثير من البلدان في آسيا، ولذلك فإنه من الضروري إنشاء منصة إقليمية جديدة للاستثمار وجمع الأموال من أجل توجيه المزيد من الأموال إلى البنية التحتية، وليكون بنك الاستثمار الآسيوي للبنية التحتية مؤسسة تنمية متعددة الأطراف في آسيا، وسيحذو حذو بنوك التنمية متعددة الأطراف الأخرى في طرق ومبادئ التشغيل. وتعد المهمة الأساسية للبنك هي تعزيز التنمية الاقتصادية الآسيوية والتعاون الاقتصادي الإقليمي من خلال توفير التمويل في البنية التحتية والمجالات الإنتاجية الأخرى في البلدان الآسيوية. وإذا أصبحت الظروف مواتية، فمن الممكن أيضاً أن يوسع البنك أعماله خارج هذا النطاق. يضم البنك ستة وثمانين عضواً في الوقت الراهن. ولا تغطي عضويته منطقة آسيا فقط بل ودولاً في أوروبا وأمريكا الجنوبية وإفريقيا. وحتى الخامس والعشرين من يونيو/حزيران، قام بتقديم قروض إلى ستة وعشرين مشروعا بقيمة إجمالية بلغت أربعة مليارات وستمئة مليون دولار، معظمها لدول منخرطة في مبادرة الحزام والطريق الصينية. وبالمقارنة مع مبلغ الستة والثلاثين مليارا وستمئة مليون دولار التي قدمها بنك التنمية الآسيوي على مدى فترة عامين حتى عام 2017، فإن الرقم يبدو صغيرا. إن الصين هي أكبر مساهم في البنك بنسبة اكثر من 30 % من حصة البنك وتليها الهند ب8.52% وروسيا ب6.66% وألمانيا ب4.57% وكوريا الجنوبية ب3.81% على التوالي. وتملك الصين ما يزيد عن 26 % من حقوق التصويت في بنك AIIB وتليها الهند ب7.51% وروسيا ب5.93% وألمانيا ب4.15% وكوريا الجنوبية ب3.5% على التوالي. وعلى الرغم من التعهد الصيني بالشفافية في تشغيل بنك AIIB، إلا أن هيكل التصويت يسمح للصين بالتمتع بسلطة النقض بحكم الأمر الواقع. وتبقى اليابان والولايات المتحدة مترددتين بشأن الانضمام لبنك AIIB بحجة ما تريانه افتقارا للشفافية والحوكمة ومشاكل الإدارة. وهناك قلق أيضا من استغلال الصين له كوسيلة لزيادة نفوذها الاقتصادي والجيوسياسي في آسيا. ويقول الخبراء إن البنك الآسيوي لاستثمارات البنية التحتية وبنك «بريكس» للتنمية وصندوق «طريق الحرير» شكلت قاعدة لكي يصبح اليوان عملة دولية، وهذا يزعج واشنطن جدا. وترى مراكز أبحاث يابانية أنه يجب على اليابان دراسة الانضمام إلى بنك AIIB وتحاجج بالآتي:
أولا: يتوقع بنك التنمية الآسيوي تزايد الطلب على البنية التحتية في آسيا بما متوسطه تريليون وسبعمئة مليار دولار سنويا، وهو مبلغ يفوق كثيرا ما يمكن تمويله من قبل الحكومات في آسيا والقروض من المؤسسات الدولية الموجودة مثل بنك التنمية الآسيوي. ولهذا تتصاعد الآمال في قيام بنك AIIB بسرعة بتوسيع نطاق إقراضاته والمساعدة في تلبية الطلب.
ثانيا: يقول بعض المعارضين إنه رغم أن اليابان لم تنضم حتى الآن للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية. فإن الشركات في الدول غير الأعضاء يُسمح لها بالمشاركة في عطاءات مشاريع البنية التحتية الخاصة بالبنك. ولهذا فإنه لا يوجد داع للقلق بالنسبة لليابان في هذا الخصوص. ولكن تحديد مشاريع البنية التحتية التي سيتم تمويلها يقتصر فقط على الدول الأعضاء في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية.
ثالثا: رغم أن البنك وقبل انطلاقه، أحاطت به مخاوف بأن معايير إقراضه فيما يتعلق بحقوق البيئة والإنسان قد تصبح متراخية جدا، مقارنة مع المؤسسات المالية الدولية الأخرى. فإن الثابت أن الكثير من قروضه يتم تقديمها بالفعل بصورة مشتركة مع منظمات دولية أخرى، مما يقلل من مخاطر تحقق هذه المخاوف. ورغم أنه من المؤكد أن الصين تسعى لتأمين بعض النفوذ فيما يتعلق بوضع القواعد الدولية والاقتصاد العالمي عن طريق اتخاذ دور رئيسي في مساعدات التنمية التي تسيطر عليها الولايات المتحدة والدول الأوروبية بشكل كبير، فإن الثابت أن المشاركة الصينية ساعدت في خفض التفاوت في الثروات والفقر في آسيا، ولهذا فإن تحركاً كهذا سيكون شيئا جيدا بدلا من كونه سيئا.
رابعا: انضمام اليابان لبنك AIIB يتيح لها التمتع بمزايا اقتصادية في وقت تبحث فيه اليابان عن محركات تنموية إضافية تمكنها من أن تعيد اقتصاد اليابان إلى عهود انتعاشه، وأيضا بهدف المحافظة على علاقات ودية مع الصين، ولطالما عابت بعض التحليلات تجاهل رئيس الوزراء الياباني «شينزو آبي» للآلة الاقتصادية الأضخم في العالم وهي الصين. وترى تلك التحليلات أنه طالما أن النمو الصيني يتحول من الطلب الخارجي إلى الداخلي على السلع والخدمات، فمن يمكنه أن يستفيد من هذا التحول بأكثر من اليابان؟. وأن الصين تعد بطبيعة الحال السوق الأضخم للصادرات اليابانية، واقتصادها يتجه أكثر وأكثر لصالح المشاركة اليابانية المتزايدة في سوقها المحلية تزامناً مع تزايد طلب الصينيين على الخدمات والمنتجات الاستهلاكية. ولا يجب على اليابان أن تفوّت على نفسها هذه الفرصة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"