وداعاً أميرة

04:39 صباحا
قراءة 3 دقائق
صالحة غابش

نؤمن بأن الموت حق.. وأن الله تعالى كتبه على خلقه كما كتب الحياة.. جعله خاتمة، قصةً يعيشها الإنسان (والمخلوق عموماً) ربما كي يرتاح من عناء الركض في طرقات الدنيا الممتدة بامتداد عمر الإنسان.
وبالرغم من إيماننا العميق الذي لا يخالطه شك على الإطلاق بأنه حق، إلا أننا نفجع بموت أحد المقربين.. نتألم ونحزن بحرارة وتسح الدموع من حيث لا نشعر، ونذكر الله تعالى بكثرة حتى لا تخرجنا الفجيعة والحزن الشديد من دائرة الإيمان.
فجعنا بكِ يا أميرة ونحن نعلم أنك ذهبت بالحق إلى الحق، جرت أنفاسنا بين المكالمات الهاتفية في ذلك المساء الحزين وكأننا غير متأكدين.. كأننا نبحث عمن يقول لنا: هذه إشاعة، أميرة بخير. ولما جاءنا النبأ اليقين استسلمنا للحقيقة، وسلمنا قلوبنا لألم رحيلك، ورددنا من كلام الله تعالى ما يخفف عنا وطأة الألم.
وبدأت العيون تعبر عن كلمات القلب بصمت وعلى طريقتها...
دمعة تسح لأن ملامحك الجميلة الهادئة تمر أمام عيوننا ونحن على يقين أننا لن نراك ثانية، ودمعة لأننا نتذكر موقفاً شهدناه وحركة نشطة نراك بها وأنت تتابعين عملك الذي تجاوز الحدود إلى العالم، ونظن أننا هدأنا، ثم ما تلبث دمعة تباغت العيون عندما نسمع صوتك الهادئ، ولغتك التي تسير على لسانك كمركب هادئ تتناثر من حوله قطرات ماء بتناغم وهدوء.
بين حالة وحالة تنقلنا هذا المساء يا أميرة بسببك، بسبب رحيلك المفاجئ وأنت تملئين الدنيا شغفاً بعملك ولا تقفين عند حد معين في طموحك الذي يعلو خطوة أو خطوات كلما وصلت إلى تحقيق حلم.. كنا نعلو معك.. وأنت الشابة التي انضمت إلى قافلة العمل تستلهمين مستقبلاً عشنا بناء أساساته الأولى، لتكمله الرؤى الشابة الطموحة المعايشة بفكر وانتباهه للتغيرات.
وعندما انبلج الصباح تساءلنا: هل ندخل من ذات الباب الذي كنت تدخلين منه يا أميرة؟
ودخلنا، فإذا بنا ندخل إلى حزنٍ مضاعف، وكأن المكان كان ممتلئاً بك.. هكذا يباغتنا شعور فقد من نرى بصماته مرسومة على جدران الأحلام والطموحات. عندما يغيب نفتقده وإن لم نكن نرى سوى بصماته، ربما لم يرك كثير منا وأنت تدخلين، ولكننا نشعر بذلك الحضور المتوهج الذي ترامى إلى العالم ليحمل اسم الشارقة واسم الإمارات معه من أرقى الأبواب وهو باب «العمل الإنساني».
في المساء.. أكثر من سيدة تحدثت عن آخر كلماتها معها.. كان قريباً لأنه جاء مع مؤتمر «الاستثمار في المستقبل» الذي أسدلت ستائره.. وفي علم الله تعالى أن ستارة حياة أميرة تسدل بعد ذلك بيومين.. وأختها سماء.. ووالدتها السيدة بدرية.. تلك المرأة التي تبحث عنا بين الجموع لتلقي علينا السلام، رحمهن الله جميعاً.
نعم سنفتقدك ولكنّ عزاءنا أنك في ذمة خالقك وخالقنا سبحانه.. وأنك كنت في صف طويل كتب أن تسبقينا فيه.
سيفتقدك الفريق كله.. نورة وإرم وموضي وريم «أختك الصغرى» وهيفاء وعائشة وجواهر، ومريم وخولة والدكتورة سوسن.. جميع قياديات وموظفات المؤسسة التي ننتمي إليها معك.. سأفتقدك يا أميرة، وعزاؤنا جميعاً لصاحبة القلب الكبير.. قائدة مسيرتنا سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، والتي كانت كلماتها على التواصل الاجتماعي وجعاً آخر لسيدة بمثابة الأم لك. ومع ذلك كله لا نقول إلا ما يرضي ربنا سبحانه: «إنا لله وإنا إليه راجعون».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"