ولايات أمريكية تنفذ القرارات «الإسرائيلية»!

04:07 صباحا
قراءة 3 دقائق
حافظ البرغوثي

بعد اتخاذ قرابة 27 ولاية أمريكية تشريعات تحظر انتقاد «إسرائيل» أو الدعوة إلى مقاطعتها، أقر مجلس النواب الأمريكي بأغلبية ساحقة مشروع قانون يوم الثلاثاء الماضي ضد «حركة المقاطعة العالمية وسحب الاستثمارات من المستوطنات»، يدعو مشروع القانون إلى زيادة المساعدات الأمنية ل «إسرائيل» وإلى حل الدولتين، وجرى تمريره بأغلبية 398 صوتاً مقابل 17 صوتاً، مع امتناع خمسة أعضاء عن التصويت، فيما عارض ستة عشر ديمقراطياً مشروع القانون، كما صوّت أحد الجمهوريين، النائب توماس ماسي من كنتاكي ضد مشروع القانون الذي يستهدف حركة المقاطعة. وكان النائب الديمقراطي براد شنايدر من إلينوي أول من قدم مشروع القانون، قبل أن يشارك في تقديمه 349 نائباً آخر بحلول وقت التصويت عليه في خطوة من النواب الديمقراطيين لاسترضاء «إسرائيل» واللوبي اليهودي قبل الانتخابات الأمريكية العام المقبل.
وأشادت جماعة الضغط اليهودية - لجنة الشؤون العامة الأمريكية «الإسرائيلية» (إيباك) بتمرير مشروع القانون.
ويأتي القرار أيضاً بعد نحو أسبوع من إثارة الرئيس ترامب جدلاً حول سلسلة من التغريدات دعا فيها أربع نائبات ديمقراطيات في الكونغرس من ذوات البشرة الملونة إلى «العودة» من حيث أتين، واتهمهن بكره «إسرائيل».
وكانت منظمة «هيومن رايتس ووتش» ذكرت أن عدداً من الولايات الأمريكية تستخدم القوانين والأوامر التنفيذية الخاصة بمناهضة المقاطعة لمعاقبة الشركات التي ترفض التعامل مع المستوطنات «الإسرائيلية» غير القانونية في الضفة الغربية.
وتبنّت 27 ولاية قوانين أو سياسات تعاقب الشركات أو المنظمات أو الأفراد الذين يشاركون في مقاطعة «إسرائيل»، أو يطالبون بذلك. ولا تستهدف القوانين أو السياسات في 17 من تلك الولايات بشكل صريح الشركات التي ترفض تنفيذ أعمال تجارية داخل «إسرائيل» أو معها فحسب، بل تستهدف أيضاً الشركات التي ترفض تنفيذ أعمال تجارية في المستوطنات «الإسرائيلية». بعض الولايات التي لا تنطبق قوانينها بشكل صريح على المستوطنات عاقبت أيضاً الشركات التي قطعت علاقاتها بالمستوطنات. والعديد من الولايات لديها قوانين أو سياسات لمكافحة المقاطعة تشمل الأفراد والشركات التي تبرم عقود عمل مع الولايات.
ويخضع حكام الولايات الأمريكية عملياً لسلطة وزير الشؤون الاستراتيجية «الإسرائيلي» أردان. ففي نوفمبر / تشرين الثاني 2018 أعلنت شركة السياحة العالمية «إير بي إن بي» أنها ستتوقف عن إدراج العقارات في المستوطنات كجزء من سياسة جديدة لمنع القوائم التي تسهم في «المعاناة الإنسانية الحالية». وفي اليوم التالي لإعلان قرارها كتب الوزير «الإسرائيلي» إلى حكام ولايات إيلينوي ونيويورك وفلوريدا وميسوري وكاليفورنيا، يدعوهم إلى اتخاذ إجراءات تجاه «إير بي إن بي» بعد أن اتخذت عدة ولايات إجراءات ضدها، وغيرت الشركة مسارها، وقالت: إنها لن تزيل قوائم المستوطنات من منصتها.
واستهدفت بعض الولايات الشركات التي ترفض ممارسة الأعمال التجارية في المستوطنات، حتى لو كانت قوانينها لا تنطبق صراحة على المناطق التي تسيطر عليها «إسرائيل». وقالت بعض هذه الشركات: إنها ستعمل في «إسرائيل»، لكن ليس في المستوطنات. وعلى سبيل المثال، نشرت ولاية نيويورك، بموجب الأمر التنفيذي لعام 2016 الصادر عن الحاكم أندرو كومو، قائمة تضم هذه الشركات.
ووصل الأمر في بعض الأحيان إلى عدم توظيف من لا يلتزم بعدم مقاطعة «إسرائيل»، وحجب مساعدات عن المنكوبين في الكوارث الطبيعية طالما لم يوقعوا تعهداً بعدم انتقاد ومقاطعة «إسرائيل».
وعندما أصدرت المحاكم الفيدرالية الأمريكية أوامر قضائية تمنع تنفيذ قوانين مناهضة المقاطعة في كنساس وأريزونا في أعقاب دعاوى، إلا أن المشرّعين في كلتا الولايتين تراجعوا لاحقاً على الرغم من أن هذه القوانين تتعارض مع حق التعبير وحرية الرأي.
المبادرات المناهضة لحملة المقاطعة اكتسبت زخماً في أوروبا أيضاً، حيث وجه مدعون عامون فرنسيون، على سبيل المثال، تهماً جنائية إلى نشطاء منخرطين في أنشطة تدعم مقاطعة «إسرائيل»، بعضها نتجت عنها إدانات. كما منعت الولايات المتحدة الناشط وأحد مؤسسي حركة المقاطعة الدكتور عمر البرغوثي من دخولها على الرغم من أنه مكث طويلاً في الولايات المتحدة وتخرج في جامعة كولومبيا. والغريب في هذه التشريعات أنها بدأت تربط بين مقاطعة الاحتلال وممارساته بمعاداة السامية، وكأن تأييد الاحتلال بات ملزماً لكل أمريكي. فالصورة الآن أن الشركات الأمريكية التي لا تستثمر في «إسرائيل» والمستوطنات باتت عرضة للعقاب، والأفراد الذين يرفضون سياسة الاحتلال لا يحصلون على وظائف.
إنها عبودية «إسرائيلية» جديدة تفرض على الأمريكيين بقوة القانون وتتسلل إلى أوروبا.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"