«المالح».. طعم المناطق الساحلية

يتقنها أهالي دبا الحصن والفجيرة
00:29 صباحا
قراءة 3 دقائق
تحقيق:بكر المحاسنة

ضمن إطار المحافظة على الموروث الشعبي، كان الإماراتي ولا يزال مبدعاً خلاقاً في سعيه إلى تطويع الأرض والبحر لحياته، ويعتبر «المالح»، أي حفظ وتعليب الأسماك، من العادات والمهن التي توارثها الأجداد. وتعد مهنة «المالح» من الصناعات الغذائية المتوارثة بكل دول الخليج، واشتهر بها أهالي المناطق الساحلية في الإمارات، وتستخدم لحفظ الأسماك التي تزيد على الحاجة خلال مواسم الصيد الوفير، وتحويلها إلى مخزون غذائي صالح لمختلف المواسم والفصول. يحتفى بالطابع البحري، في مهرجان سنوي يعيد إلى الأذهان ذكريات زمن قديم.
مهرجان المالح في مدينة دبا الحصن، يبرز خلال دورته الخامسة التي تبدأ اليوم وتختتم بعد غدٍ، جوانب من الموروث الثقافي الذي يركز على ملامح حياة الماضي، ويسلط الضوء حول الطبخ وفنونه وحرفه، وهذه الصناعة التقليدية التي نرصدها في التحقيق التالي.
محمد سالم محمد سالوم، صاحب خبرة كبيرة في مهنة صناعة أسماك المالح، اكتسبها من العمل صياداً في مرحلة مبكرة من العمر، يقول: «المالح هو سمك يوضع الملح عليه ويخزن تحت أشعة الشمس، ويصبح صالحاً للأكل بعد فترة، وجاءت الضرورة إلى ذلك بسبب اصطياد كميات كبيرة من الأسماك زادت على الحاجة، ما جعلنا في الماضي نقوم بهذه الطريقة لحفظها».
حول كيفية صناعة المالح، يواصل سالوم، قائلاً: «يعد من أسماك الكنعد والقباب، بعد قطع رأسها وذيلها وزعانفها وتنظيف بطنها جيداً من دون استخدام الماء، ثم تشق السمكة من النصف حتى تصبح قطعة أو أكثر حسب الحجم مع نزع كل العظام والأشواك منها، ثم توضع كميات كبيرة من الملح الخشن، وكلما تم الانتهاء من تمليح القطعة نقوم بتخزينها ووضعها في أوانٍ بلاستيكية أو جرار فخارية تسمى «خروس» محكمة الإغلاق وتبقى لمدة من ثلاثة إلى ستة أشهر في الشتاء، أما في الصيف فتكون مدة التخزين من شهر إلى شهر ونصف الشهر فقط، وتعتمد مدة التخزين على أنواع الأسماك وعلى الظروف الجوية للمنطقة». ويضيف: «تكون صناعة المالح في نهاية فصل الشتاء، نظراً إلى هجرة أسماك القباب للساحل الشرقي، ووجودها بكثرة في هذه الفترة، واستخدمنا هذه الطريقة قديماً لحفظ السمك بعد صيده من التلف، لعدم توافر الثلاجات أو أي طريقة حفظ أخرى».

مصدر رزق

يتابع سالوم: «يعتبر المالح مصدر رزق لدى كثير من الصيادين في المناطق الساحلية وخاصة دبا الحصن والفجيرة، ولهم زبائن من مختلف الإمارات والدول الخليجية، حيث تنفرد منطقة دبا بكونها واحدة من المناطق التي تنتج أجود أنواع المالح منذ القدم، نتيجة الخبرة الكبيرة التي يتمتع بها أهلها في هذه المهنة التي توارثوها من الأجداد والآباء، ويحرصون على نقلها وتعليمها للصغار».
ويختم سالوم حديثه، قائلاً: «مهنة المالح صناعة غذائية إماراتية بشكل خاص، واكتسبت أهميتها لأنها ساهمت في درء المخاطر الغذائية التي كانت تهدد المجتمع خلال سنوات الضنك وشظف العيش، لذلك لا غرابة في الحرص على توريثها، ولا يقتصر تناولها على وقت بعينه أو لفئة معينة، بل بات يرغب فيها الجميع ويتفننون في طهيها، خاصة أهل المناطق الساحلية».

أنواع معينة

يقول إبراهيم علي حسن، من أبناء الجيل الجديد والمحافظ على الصناعة: «يعلم المالح الإنسان كيف كانت حياة ومعيشة أجداده، وطرق حفظ الأكل أو اللحوم وكذلك الأسماك لفترات طويلة، وكانوا قديماً يستخدمون جميع أنواع الأسماك للمالح سواء للأكل أو البيع، لكن في الوقت الحالي نستخدم فقط أنواعاً معينة منها سمك القباب والكنعد والصدى وخيل البحر».
أما سالم محمد سالم الظهوري، يمارس المهنة، فيؤكد: «أن المالح من أقدم وأشهى الأطباق التقليدية والتراثية في الإمارات، ولا يكاد يخلو منزل منه، يحبه الصغير قبل الكبير، نعده بالطريقة التقليدية ويتشارك أفراد العائلة في تناوله في جو مملوء بالبهجة».
يعتز أحمد محمد علي صقروه، بأنه يحافظ على هذه الصناعة، ويقول: «تعلمتها من والدي الذي عرفني خطواتها وأسرارها، وكذلك أنواع الأسماك التي تصلح للتمليح، ويتقن أهالي دبا الحصن هذه المهنة، حيث يستخدمون فيها طرقهم التقليدية الخاصة».
عن طرق إعداد وجبة المالح، يعلق مسعود الكندي، قائلاً: «لإعداد طبق من هذه الأسماك، تخرج قطع المالح من العبوة الخاصة، وتغسل بالماء المغلي لمدة لا تقل عن 15 دقيقة، ثم يتم سلقها وتقطيعها إلى قطع صغيرة، ويعاد غسلها حتى التوصل إلى كمية الملح المرغوب فيها».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"