«كلمات»..القراءة حياة أخرى

الأدب للجميع
01:16 صباحا
قراءة 6 دقائق
الشارقة: علاء الدين محمود

أصبحت دار «كلمات»، تقف اليوم في مكانة مهمة ومتميزة في خريطة الحراك الثقافي الإماراتي والعربي، فقد صارت من مؤسسات النشر الرائدة في المنطقة، والتي تلتزم بالتطوير من خلال الابتكار، ضمن بيئة إبداعية محفِّزة تعمل على جذب أفضل المواهب العاملة في هذا القطاع، فأضحت «كلمات»، علم من أعلام النشر بفضل المجهودات الكبيرة للشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، نائبة رئيس الاتحاد الدولي للناشرين، مؤسِّسة ورئيسة مؤسسة كلمات لتمكين الأطفال.
كانت بداية انطلاقة «كلمات»، في فضاء الثقافة الإماراتية في عام 2007م، كدار مهتمة بنشر أدب الأطفال، لكنها لم تكتف بذلك النشاط؛ بل توسعت بشكل كبير لتشمل شركات ودور نشر مختلفة مثل: «حروف»، و«روايات»، و«كومكس»، و«كلمات كوراتو»، وقد استهدف نشاط الدار عبور المجال العربي إلى الدولي لأجل المشاركة في كل المحافل الأدبية العالمية المهتمة بالنشر والكتب، حيث تمكنت المجموعة منذ تأسيسها من توزيع كتبها في 16 دولة، وقدمت ما يزيد على 400 إصدار فاز العديد منها بجوائز عربية ودولية، وعملت المجموعة مع أكثر من 120 كاتبًا من أشهر الكتاب في العالم العربي والعالم، وتُرجم أكثر من 50 كتاباً من إصداراتها، من اللغة العربية إلى لغات أُخرى، الأمر الذي كون لها اسم ضمن الدور العالمية خلال فترة قصيرة من تأسيسها.


خصوصية


ولئن صارت المؤسسة كلها بمجموعاتها وأقسامها المختلفة تحمل اسم «كلمات»؛ فذلك لأن هذا العنوان له خصوصيته وفلسفته وأهميته في فهم أهداف وأغراض المؤسسة، حيث تنطلق من فكرة تقول: «إنّ الحروف إذا افترقَت لا قيمة لها، لكنها تخلقُ سماءً إذا اجتمَعَت؛ وتحققُ حلماً؛ وتُرضي طموحاً؛ وتروي الظمأ»، فالدار تُعنى بصورة أساسية بعملية القراءة التي تعتبرها حياة أخرى للبشر، وتعمل بدأب شديد على أن تصبح ثقافة يومية لدى المجتمع الإماراتي، فكانت أن اتجهت نحو عالم الأطفال؛ إذ إن تحفيز هذه الشريحة العمرية وتعليمها حب القراءة يمثل الأساس لجيل قارئ، فكان الاسم من نصيب أول قسم كان هو بمثابة باكورة المؤسسة، ويختص بنشر كتب الأطفال واليافعين باللغة العربية، ويقدم مجموعة واسعة من الكتب التي تعرّف الأطفال بالثقافة العربية والعالمية، وتعرض التحديات المعاصرة التي يواجهونها، وتتعاون مع نخبة من الكُتّاب والرسامين، حاز العديد منهم جوائز عالمية وعربية في مجال أدب الطفل، وقد أصدرت «كلمات» ما يزيد على 250 كتابًا للأطفال واليافعين، تُرجم العديد منها إلى لغات مختلفة، وحظي الكثير منها بالجوائز على المستويات المحلية والعربية والدولية.


«حروف»


وكانت المحطة الثانية في مسيرة الدار هي«حروف»، ذلك القسم الذي أريد له أن يشكل الرافعة والدعم الأساسي في مجال تعليم اللغة العربية منذ مراحل الطفولة الباكرة، ويضع نصب عينيه مسألة تحسين اللغة العربية بين الناشئة عبر المواد التي تقدّمها بأساليب يراعى فيها أن تكون هادفة ومبتكرة من أجل عملية الاستيعاب والفهم، وفي سبيل ذلك الهدف؛ فقد تم تصميم إصدارات «حروف» بما يتناسب مع احتياجات كل طفل، من خلال تشجيعه على تنمية مهاراته الجسدية والفكرية والحسية، وتوفير حرية التحرك والبحث والاستكشاف له، وتتم هذه العملية بطريقة توفر المتعة للأطفال تحت شعار«التعليم متعة»، بحيث لا يتسلل الملل إلى الصغار وذلك عبر بناء علاقة متوازنة للطفل مع نفسه ومحيطه ومعلّميه ومجتمعه، وهي الجوانب التي تضمن أن يقبل الصغار على تعلم اللغة من دون تعقيدات تنفرهم، وتتميّز إصدارات «حروف» بشموليتها وتنوعها ومخاطبتها لأكثر من فئة عمرية بطريقة تفاعلية، وتتوافر من خلال نسختها المطبوعة وتطبيق حروف الإلكتروني المبتكر، وقد أقامت الدار العديد من الورش للأطفال لتنمية مهارة الكتابة إلى جانب القراءة، كما أن الدار تهتم كذلك بتحسين مستويات اللغة العربية عند الكبار عبر عدد من الإصدارات والبرامج المتعددة.


إضافة مهمة


وجاء الفتح الكبير للدار مع مجموعة «روايات»، وهي المختصة بنشر الأعمال الأدبية العربية والمترجمة، وفقًا لأحدث السبل المتنوّعة في مجال النشر في العالم، وتهدف إلى توفير بيئة مفتوحة للمواهب السرديّة الجادّة في الوطن العربي، كما تلتزم «روايات» بتوفير كل ما يمكن أن يخدم الكتاب، ويضعه في أفضل حالاته، بدءًا من انتقاء العناوين والتحرير وحتى الإنتاج، ثم عرضها باحترافية عالية، وتوفيرها للقارئ، في مختلف متاجر الكتب والمعارض المحلية والعالمية، وقد لمع اسم هذه المجموعة في سماء الثقافة الإماراتية والعربية عبر تخصصها في مجال صار يلقى رواجاً كبيراً من قبل القراء في كل العالم، وهو السرد، حيث تعمل وفق معايير صارمة في اختيار وانتقاء الأعمال السردية، فتقوم بتقديم تلك التي ترسخ في ذاكرة القارئ وتنبش داخله فتحفزه على التفكير والاندفاع نحو عوالم القراءة بلا انقطاع، وذلك لأن القارئ يتعرف على أعمال قصصية وروائية تنتمي إلى حقب تاريخية مختلفة ومدارس متنوعة من الفكر والسرد الروائي، وكذلك مناهج في تقنيات الحكاية لمؤلفين خلدتهم كتاباتهم السردية، بل وتقدم «روايات»، أعمالاً سردية تترجم إلى العربية لأول مرة، بالإضافة إلى الكلاسيكيات الشهيرة، لذلك وجدت هذه المجموعة الصدى والاهتمام الكبيرين واحتلت مكانة هي الأبرز ضمن منظومة «كلمات».


شراكة


وتعد مجموعة «كلمات كوارتو»، من أهم المكونات التي تحتضنها الدار، وهي عبارة عن شراكة كما يشير الاسم بين مجموعة «كلمات»، و«كوارتو» العالمية، حيث تعمل هذه الشراكة في مجال نشر وتوزيع مختلف إصدارات شركات النشر التابعة ل«كوارتو» باللغة العربية، وكانت البداية مع الكتب المتخصصة في فنون الطهي، والتي كانت إضافة جديدة ومختلفة لإصدارات المجموعة، ومن المتوقع أن ينتج التعاون بين المجموعتين إصدار منشورات مختلفة لإثراء المكتبة العربية في مجالات جديدة، وقد أسهمت الشراكة في إحداث منعطف كبير في مسيرة «كلمات»، التي تحولت إلى مجموعة نشر دولية كبيرة تمتلك تراخيص للنشر والتوزيع في 54 دولة حول العالم، وإلى جانب «كوارتو»، وقعت كلمات اتفاقيات مع مجموعات نشر عالمية ذائعة الصيت مثل: «بلومزبيري» و«جاليمارد»، وغيرها من الدور الكبيرة، وهي العملية التي كان لها مردودها الكبير من حيث الفائدة والمنفعة المتبادلة، ف«كلمات» تنطلق من حقيقة أن دعم الشراكات المختلفة بهدف توقيع الاتفاقيات وبيع وشراء حقوق النشر والتوزيع مع مختلف الناشرين على المستوى العالمي، يسهم في فتح آفاق التبادل الثقافي أمام الناشرين وتعريف الأطفال واليافعين في جميع دول العالم بالثقافة والأدب العربي، إضافة إلى المساهمة في ترسيخ السلام وقيم التسامح والتعرف على الآخر.


إصدارات


حركة الإصدارات لا تكاد تتوقف، ففي كل عام جديد ترفد دار كلمات المكتبة بكتب جديدة، ومن أبرز المؤلفات للعام الجاري: سلسلتان لليافعين من أعمال الكاتبة والمؤلفة لورين سانت جون، وتتوزع السلسلة الأولى التي تحمل عنوان «الزرافة البيضاء» المخصصة للأطفال، والتي حصدت عدداً من الجوائز المحلية والعالمية، على خمسة إصدارات هي «الزرافة البيضاء»، و«النمر الأخير»، و«أنشودة الدولفين»، و«حكاية الفيل»، و«عملية رينو» فيما تتضمن ثلاثية «الحصان أبو الدولار» لليافعين، إحدى أبرز كتبها الأكثر مبيعاً إصدارات «الحصان أبو الدولار»، و«سباق مع الرياح» و«عاصفة النيران»، كما أصدرت هذا العام عدداً من كتب الأطفال منها: «أصيل»، للمؤلفة سلمى قريطم، والرسام للكاتب أفيلنل أفلين، و«أميرات من العالم»، للكاتبة كاتيل غويي، و«البحر الأزرق»، للمؤلف شمع خان.


إنجازات وجوائز


لا يمر عام، إلا وتقدم خلاله دار كلمات مقترحاً أو ابتكاراً جديداً يزيد من رصيدها في التفوق والانتشار، وقد شهدت الأيام الماضية من العام الجاري إطلاق الدار لمتجرها الإلكتروني الخاص بها، وهو الذي يتضمن جميع الكتب التي تم إصدارها من دور النشر التابعة للمجموعة منذ انطلاقها، في خطوة تهدف إلى توظيف تطور التكنولوجيا في خدمة المعرفة والمحتوى العربي، والوصول إلى القارئ العربي في كل مكان، ويدعم هذا الإنجاز رؤية الدار في السعي نحو تأسيس جيل من القراء والمبدعين، وتعزيز حضور الكتاب العربي الموجّه للأطفال واليافعين في كافة أنحاء العالم، وضمن مبادرتها «تبني مكتبة»، التي أطلقتها العام السابق، قدمت المؤسسة هذا العام 2000 كتاب ل11 مكتبة في عدد من المدن الإيطالية، ضمت سلسلة عناوين أدبية وثقافية وعلمية، موجهة للأطفال واليافعين العرب اللاجئين في إيطاليا، إضافة للمشاركة في عدد من المعارض العالمية للكتب.
الحضور اللافت لمجموعة كلمات في الساحتين الثقافيتين العربية والعالمية، مكنها من الفوز بعدد من الجوائز المحلية والدولية خاصة في مجال الارتقاء بأدب الطفل، منها جائزة أفضل ناشر من «معرض الشارقة الدولي للكتاب» لعام 2012 وجائزة أفضل ناشر في آسيا خلال «معرض بولونيا لكتاب الطفل» 2016 وترشحت للجائزة نفسها في عامي 2013 و2014 على التوالي، ووصلت للترشيحات النهائية للامتياز في صناعة النشر في معرض لندن للكتاب للعام 2014، كما فازت بجائزة «عربي 21» من مؤسسة الفكر العربي للعام 2012، ونالت جائزتين من جوائز «عربي 21» في نسختها الثالثة في العام 2015، وجائزة الشيخ زايد للكتاب لعام 2017 عن فئة النشر والتقنيات الثقافية، واليوم تعتبر مجموعة كلمات دار النشر الأولى في الإمارات المختصة بنشر وتوزيع كتب قيّمة للأطفال.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"