أكياس البلاستيك مصدر دخل.. وفن

عشرينية لاجئة تصنع منها حقائب ومجسمات
04:47 صباحا
قراءة 3 دقائق
بيروت: رنة جوني

خلف أكياس النايلون ولدت الفتاة السورية آلاء الزهوري. فتاة في مقتبل العمر، قررت أن تستفيد من هذه الأكياس المبعثرة على أرصفة الشوارع وفي الحقول ومستودع النفايات، لتمنحها أشغالاً يدوية، تبيعها لاحقاً وتوفر مدخولاً يقيها شر العوز.
كثيرون سخروا من عملها، واستخفوا بما تقوم به، «عم تجمعي أكياس من الزبالة».. ولكنهم فوجئوا حين عرفوا النتيجة، بعدما حولتها بعد تنظيفها، وقصّها أشرطة رفيعة، إلى قبعة، سلة خضار، حقائب للسيدات.. منسّقة بشكل فني يروق لكل عشاق الفن غير المستهلك.
«صنارة وكيس، وشوية أفكار»، هي العدة التي تتكئ عليها ابنة بلدة درعا، لتستعيد من خلالها حرفة التطريز والكروشيه التي باتت تتجه نحو الانقراض لصالح الآلة.
بين الأكياس التي تحوّلت صديقة يومياتها في أحد مخيمات اللاجئين في البقاع، تمضي الزهوري أيامها. تخوض غمار فن ليس مألوفاً في عصر النهضة والتطور، ولكنه في الوقت ذاته بات حاجة لتدوير نفايات فاضت بها الطرق وباتت تهدد كل الحياة. ولعل أبرز ما حث الصبية على عملها الجديد، هو سعيها لتوفير فرصة عمل ولو مؤقت.
الفتاة العشرينية التي كانت تسعى لتعمل في الخياطة لم يحالفها الحظ في توفير دعم لمشروع لم يبصر النور، بل تحوّل إلى مشروع تحويل الأكياس إلى فن هادف، تستطيع من خلال نجاح تجربتها أن تقدم للعالم نموذجاً قائماً على تدوير الخطر وحماية البيئة المحيطة، فالأكياس تؤدي إلى تلف التربة، والى قتل الأسماك ونمو قناديل البحر، فضلاً عن أنها تحوي مشتقات نفطية تلوث البيئة، من هنا سعت إلى حرفتها المستحدثة، التي تحتاج إلى ذكاء وحنكة وقناعة أن كل ما يحيط بنا صالح لإعادة التدوير.
تبدأ رحلة الزهوري في جمع الأكياس صباحاً، بعدما كانت في السابق تجد صعوبة في العمل وتوجّه إليها انتقادات كثيرة، قبل أن تنقلب المعادلة، ويلتف حولها الأهالي ويساعدونها في جمعها، وتعمل على غسلها جيداً وقصّها إلى شرائط رفيعة، تتحوّل بعد ساعات بين يديها إلى دمية غاية في الدقة والإبداع، يحال التصديق أنها من الأكياس. تكشف الفتاة العشرينية أن هدفها الأول اقتصادي، قائلة: سعيت كثيراً لأجد عملاً وفشلت، إلى أن خضعت لدورة تأهيل حرفي مع إحدى الجمعيات الدولية، ونصحني أحدهم بأن أخيط الأكياس وأصنع منها ما يدور في خيالي، أعجبتني الفكرة، ومنها بدأ مشوار التحوّل في حياتي. أولاً قتلت الفراغ، وثانياً الاستفادة من الأكياس، وثالثاً تأمين مورد اقتصادي يمكنني لاحقاً من إكمال دراستي. لم يخل عمل الزهوري من الصعوبات، تصريف الإنتاج وتعريف الناس بفنها وموهبتها.
من هنا أنشأت صفحة لها على «فيسبوك» وأطلقت على فنها jellyfish وبدأ الناس يتجاوبون معها. يتراوح سعر القطعة بين 10 آلاف و 100 ألف ليرة لبنانية حسب حجمها ونوعها، وهي تطمح لأن يحمل فنها ماركة تجارية مسجلة وتحظى بدعم وتشجيع وإطلالة على كل الأسواق المحلية والعالمية. وتقول: «أعمل مشغولي بدقة متناهية، ألعب على ألوان الأكياس وأمزجها بطريقة فنية مميزة ما يضفي جمالاً على كل قطعة أقوم بحياكتها» وتردف «أعمل اليوم على حياكة سجاد من النايلون لأُبدع من الأكياس تحفة».
لا يقتصر عمل الزهوري داخل المخيم على حياكة الأكياس، بل انطلقت في تعليم الحرفة لسيداته، وتدريبهن على مهنة جديدة تمكنهن اقتصادياً.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"