الجائزة العربية العالمية للرواية

سواحل
04:59 صباحا
قراءة دقيقتين

تفتح الجائزة العربية العالمية للرواية، التي تسميها وسائل الإعلام البوكر العربية بسبب الشراكة القائمة بينها وبين جائزة البوكر الإنجليزية للرواية، الباب على وسعه أمام الرواية العربية الجديدة لكي تصل إلى سوق النشر الواسع في العالم، من حيث تسليط الضوء على الرواية العربية، وترجمة الرواية الفائزة وربما القائمة القصيرة إلى عدد من اللغات الأساسية في العالم، وعلى رأسها الفرنسية والإنجليزية والإسبانية والألمانية. ويعود ذلك من وجهة نظري إلى السمعة الطيبة التي تتمتع بها البوكر الأصلية التي تأسست عام ،1968 لتصبح أكبر جائزة للرواية في العالم، برغم قيمتها المادية الضئيلة التي لم تكن تتعدى قبل سنوات عشرة آلاف جنيه أسترليني، وإن أصبحت منذ مدة قصيرة تبلغ خمسين ألف جنيه بعد تحولها لتصبح جائزة مان بوكر.

ليست القيمة المادية للبوكر هي الأصل بل السمعة التي تضفيها على الرواية الفائزة، وكذلك على الروايات التي تصل إلى القائمة القصيرة وهي ست روايات، فالقائمة القصيرة توضع تحت ضوء الإعلام لفترة من الزمن، ما يزيد فضول القراء ويدفعهم إلى اقتناء تلك الروايات الست، وهو الأمر الذي يرفع مبيعات الروايات. أما الرواية الفائزة بالبوكر فتصبح حديث الصحافة والإعلام المسموع والمرئي ما يرفع مبيعاتها إلى مئات الألوف من النسخ، وربما الملايين. لهذا تبدو القيمة المادية للجائزة هامشية إذا قيست بما يحققه الفائز من مبيعات لروايته، وما يحققه أيضا من حضور إعلامي كبير في الصحافة البريطانية، خاصة، والأنجلوفونية عامة.

إن جائزة البوكر تبدو إذاً عملا جماعيا مشتركا بين الكاتب والناشر والإعلام ومؤسسة الجائزة، ودون التضافر الفعال والنزيه بين هذه الأطراف جميعا لم تكن الجائزة لتؤدي دورها الذي تحقق على مدار أربعين عاما. ولعل الأهمية التي اكتسبتها الجائزة خلال هذه الفترة من الزمن تعود إلى التزام كل طرف من الأطراف بدوره بحيث تصبح الجائزة كل عام احتفالا بالرواية، والإبداع والخلق والإضافة، وظهور أسماء جديدة تصبح في المقبل من الأيام لامعة من خلال الجائزة وبفضلها.

ونتمنى أن تكون الجائزة العربية العالمية للرواية، أو البوكر العربية، التي ترعاها مؤسسة الإمارات بحياد تام وأريحية وكرم حقيقيين، بحجم شقيقتها البوكر البريطانية، وفي قدرتها على رفع مستوى القراءة في الوطن العربي، وتوجيه الاهتمام نحو الرواية التي تنتج في الدول العربية المختلفة بغزارة وتميز واضحين هذه الأيام. وهي بالفعل أحدثت خلال الشهور الأخيرة حراكا ثقافيا وجدلا واسعا في الأوساط الثقافية والإعلامية العربية، بغض النظر عن ردود الفعل الحادة أحيانا التي صدرت هنا أو هناك لدى الإعلان عن إنشاء الجائزة أو لدى إعلان القائمة القصيرة لها قبل شهرين تقريبا.

ذلك يدل على أهمية الجائزة ودورها وتأثيرها الذي بدأ غداة إنشائها. وبفوز الروائي المصري الكبير بهاء طاهر بأول بوكر عربية عن روايته البديعة واحة غروب، التي تجدل في حبكتها تأملا سرديا عميقا لعلاقة الماضي بالحاضر، التاريخ بأبنائه، الشرق بالغرب، الذات بالآخرين، الغزاة بالمغزوين، تكون الجائزة قد أرست تقليدا كبيرا في الحياة الثقافية العربية في الوقت الراهن.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"