حارس الثقافات

استطلاع
01:23 صباحا
قراءة 5 دقائق
بيروت-«الخليج»

عبر عدد من الكتاب والناشرين اللبنانيين عن سعادتهم بانطلاق معرض الشارقة الدولي للكتاب، هذا المعرض الذي بات قبلة المثقفين والمبدعين، و صار عنواناً كبيراً في معارض الكتب العربية والدولية، ويقدم في كل عام ذخيرة حضارية وفكرية، لا غنى عنها لكل مثقف وناشر عربي، وبات يحتل مكانة كبيرة في الحيز الجغرافي والإقليمي، بما صنعه من تاريخ يعزز ثقافة القراءة، ويبرز الكتاب وسيلة للتواصل الثقافي والفكري بين الشعوب، كما يبرز الوجه الحضاري للثقافة الإماراتية والعربية بشكل خاص، كما أكدوا أن هذه السنوات التي اقتربت من أربعين عاماً في عمر المعرض، ما هي إلا دليل نجاح، وثقة بهذا المعرض، تلك البوابة المشرعة على المعرفة والثقافة العالمية والإنسانية.
بدأ الروائي والشاعر والرسام زياد كاج تعليقه على هذه التظاهرة الثقافية بقوله: «بناء على القول الشائع «المكتوب يُقرأ من عنوانه»، يمكن لنا، ومن خلال الشعار العنوان «افتح كتاباً تفتح أذهاناً»، الذي اتخذه «معرض الشارقة الدولي للكتاب»، في دورته الثامنة والثلاثين، يمكن أن نتأمل سجل هذا المعرض العريق، ونستدل من خلاله على حجم التطور الهائل الذي حققه خلال هذه السنوات، منذ أن أطلقه في ثمانينات القرن الماضي صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، انطلاقاً من قناعته المطلقة، بأن الكتاب وحده حارس الثقافات والحضارات..» وبهذه القناعة، تكون واحات الكتب، واحات نور لابُدّ من تنميتها وتطويرها، وفي مجالاتها وساحاتها ليتنافس المبدعون من مختلف الجنسيات والجهات.
وأضاف كاج: «أراني في هذه المعادلة، مشاركاً، ولو عن بعد، سنة بعد أخرى، في المعرض، وحيث أكتشف في كل مرة، حجم النهضة الثقافية التي خطتها الشارقة في كل المجالات الفكرية والإبداعية، التي تجد لها مكاناً متقدماً ومتميزاً في المعرض المذكور، كما أكتشف حجم الأهمية التي توليها المعارض الدولية لدور الشارقة في دعم الكتاب وكتّابه المحليين والعرب والدوليين»، وتابع: أختصر لأقول: «معرض الشارقة الدولي للكتاب»، شكّل منذ انطلاقته، مشروعاً ثقافياً حضارياً، يتواكب هذا العام مع نيل الشارقة شرف لقب «العاصمة العالمية للكتاب». والحقيقة أن ما حققته الشارقة من إبداعات ثقافية وفكرية وعلمية وفلسفية، جاء نتاج جهود العديد من المؤسسات والجهات الثقافية الداعمة، مادياً ومعنوياً، وضعت الشارقة في مكانة متقدمة على خارطة العالم الثقافي والإبداعي، عربياً وعالمياً؛ وحيث أكد المعرض دائماً، ما هدف إليه المؤسس صاحب السمو حاكم الشارقة، ليكون المعرض ركيزة أساسية في مسيرة الثقافة المحلية والإقليمية، وحاضناً دائماً للإبداع والمبدعين.

نهج تكاملي

بدوره اعتبر سليمان بختي (مدير عام دار نلسون للنشر) المعرض واحة معرفة وتواصل بين الحضارات، وقال: «أحد عشر يوماً من كل عام، تكفي لتتحول الشارقة مركز استقطاب للمئات من دور النشر الإماراتية والعربية والدولية، وقبلة عيون مئات المثقفين والمبدعين، يأتونها من جميع أنحاء العالم، يحملون في قلوبهم محبة كبرى لهذا البلد المضياف، وفي رؤوسهم، أفكار وفلسفات وروايات ودراسات وشعر ونقد وترجمات وقصص للكبار والصغار» وفي زحمة هذا النتاج الثقافي المحلي والإقليمي والدولي، طرح سليمان أسئلة كثيرة، حول كيف تمكنت هذه الإمارة الكبيرة الرائدة بأفكارها وطروحاتها، أن تجعل من معرضها، وفي خلال 38 سنة مركز استقطاب هو الثالث في العالم، للكتاب والمبدعين؟ وأجاب: «ليس بعيداً عن مئات دور النشر المشاركة في المعرض، وهي تزداد سنة تلو أخرى، ولا عن المبدعين من كتّاب وشعراء وروائيين، يقصدونها في كل عام، ومعهم نتاج إبداعي، يزيد الشعوب تقارباً وإدراكاً واستيعاباً لما يجري على الساحات من موت وخراب ودمار، وأيضاً مما تحققه المجتمعات البشرية من تطورات عالمية هائلة في كل الاختصاصات والثقافات. أقول بمنتهى الصراحة وبتجرد تام، إن معرض الشارقة، أكبر من معرض للكتاب وحسب.. إنه الواحة الثقافية والفكرية والعلمية لكل من اكتشف في ذاته قدرة إبداعية تجمع ولا تفرق، تبني ولا تهدم، تؤاخي ولا تعادي.. وأضاف: وهل هناك من وسيلة أفضل من كتاب يحلق به القارئ إلى آفاق بعيدة ليكون الآخر في قلبه وضميره ووجدانه؟. موضحاً أنه في هذا المعرض الذي يجسّد واحة معرفة وتقارب، تحلّ كل عام نخبة المبدعين الإماراتيين والعرب والعالميين.. يلتقون على أرض الشارقة، يتبادلون المعارف والخبرات، في معرض يؤكد قيمة التواصل بين مختلف الحضارات والثقافات.. واختيار شعار «افتح كتاباً تفتح أذهاناً»، ليس سوى تأكيد على الرؤية الثابتة والمركزية لمشروع الإمارات الحضاري والثقافي بكامل أوجهه وصوره. وختم بقوله: «بهذا التوجه، تمضي الإمارة بنهج تكاملي يعبّر عن الرؤية الكبرى المتمثلة في الانطلاق من بناء الإنسان بالمعرفة والكتاب، لبناء الشعوب والبلدان والحضارات بصورتها الشاملة».

هجمات شرسة

أما عصام أبو حمدان من (دار الساقي) فنظر إلى عنوان المعرض الأبرز وهو الكتب التي تمثل واحات نور، وقال: «في الوقت الذي يواجه الكتاب الورقي وكل كتابة ورقية، أشرس هجمة من جانب الحروف الضوئية، العبثية في أغلبها، أو ما صار يعرف بوسائل التواصل الاجتماعي، تشحذ معارض الكتب في كل مكان، وعلى رأسها المعرض سلاحها الحضاري والتاريخي، ليسجل انتصاراً تلو الآخر، وليؤكد أن الكتاب الورقي، كان وسيبقى سلاح العقل والموضوعية، والجسر الأمين والراسخ لتبادل الثقافات بين شعوب الأرض قاطبة».
وأضاف: تأسس المعرض في ثمانينات القرن الماضي، أطلقه صاحب السمو حاكم الشارقة صرخة إنسانية حضارية، انطلاقاً من إيمانه العميق بالوصية الكريمة «اقرأ».
على هذه القاعدة اعتبر أبو حمدان أن المعرض صار واحة، لا بل أزهر واحات في جميع المعارض العربية والدولية.. وبذلك استمر طوال دوراته، وحتى دورته الثامنة والثلاثين هذا العام، مصدر إبداع يستحق أصحابه المؤسسون كل التكريم والتقدير... كذلك المشاركون فيه من مؤلفين ودور نشر ومطابع وشركات توزيع ومكتبات، جوائز مادية ومعنوية، بمقدار ما يواجهونه ويعانونه في مواجهة الحرف الإلكتروني. وبيّن أن اختيار شعار المعرض هذا العام، تزامناً مع اختيار الشارقة عاصمة عالمية للكتاب يجسد حقيقة رسالة المعرض الثقافية والحضارية كما أرادها وأرساها صاحب السمو حاكم الشارقة، وحيث حرصت الإمارة على مدى أربعة عقود لتكون حاضنة للعلم والثقافة، وما اختيار الشارقة ضيف شرف الدورة ال37 في معرض «ليبر» في إسبانيا، إلا نتاج جهد ورعاية وعمل متواصل في مختلف مجالات الثقافة والفنون والتراث، وحيث لم تتوقف الإمارة عن دعم جهود التواصل المعرفي والحضاري على مدى العقود الأربعة الماضية.
من جانبها قالت ريان الأمين مدير (دار الحرف العربي للطباعة والنشر والتوزيع): في دورته الثامنة والثلاثين، يفاجئني المعرض وعلى عادته في كل عام، بما يحققه من تطورات، أكان ذلك بفعالياته، أم بضيوفه وجوائزه.. معرض ضخم بكل معنى الكلمة، تحوّل في فترة قياسية إلى ثالث معرض عالمي بالأهمية والإنتاج والحضور؛ حيث تتحول الشارقة طوال أيام انعقاد المعرض إلى قبلة أنظار المثقفين والمبدعين، يقصدونها من جميع أنحاء العالم، ومعهم نتاجهم الفكري والأدبي والعلمي.
واعتبرت الأمين أن المعرض يقدم مائدة ثقافية وحضارية باذخة بالعناوين، والمشاركين والفعاليات، وكل ذلك يؤكد أن الكتاب يبقى جسر التواصل الفريد والمميز بين حضارات وثقافات الشعوب، ودائماً لإبراز الوجه الحضاري للثقافة الإماراتية والعربية بشكل خاص. هذه الخاصية التي ميزت الشارقة، جعلت منها، ودائماً من خلال معرضها الدولي المستمر عطاءات إبداعية، منذ 38 سنة، قبلة أنظار المثقفين من جميع أنحاء العالم، وبأشهر اللغات والمعطيات. وهي السياسة الحكيمة التي أسس لها صاحب السمو حاكم الشارقة لتكون الشارقة بوابة ومركزاً لمعارف وثقافة الإنسان العربي والثقافة العالمية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"