حليمةالصايغ :صناعة السيوف والخناجر اندثرت

آخر قطعة باقية كانت محور أحدث معارضها
02:06 صباحا
قراءة 6 دقائق
حوار: علي داوود

صناعة السيوف والخناجر حرفة تراثية عريقة وأصيلة، خاصة في الإمارات، حيث مازال الكثير يتقن أسرارها وتفاصيلها، والسعي إلى تأكيد حضورها وتعريف الأجيال الجديدة بها وبحكاياتها وكيفية صنعها. وهذه المهنة يتشارك فيها الرجال والنساء، ومن أبرزهن الباحثة حليمة عبد الله راشد الصايغ، التي تتبع معرض السيوف والخناجر «قصة خنجر»، في قصر الإمارات في أبوظبي مؤخراً أعمالها في مسعى من معهد الشارقة للتراث لتوثيق مسيرة صناعة الخناجر والسيوف..
الصايغ.. وهي، فضلاً عن جهدها البحثي في تراث صياغة الحلي القديمة والتقليدية الخليجية، مصممة مجوهرات وتحف تراثية عملت في مجال التدريس، وتفتخر بإسهامها في تربية أجيال، ثم توجهت إلى التنقيب عن ماضي أجدادها في صياغة السيوف والخناجر..عن قصتها مع السيوف والخناجر، تتحدث في هذا الحوار

} ما الهدف من معرض «قصة خنجر»؟
ــ المعرض جسر الوصول إلى رحلة السيف، وتاريخ المصاغ التقليدي في الإمارات من خلال عرض صور لبعض المنتجات، التي بقيت شاهداً على حرفة الصياغة في الدولة، وتضمن المعرض آخر خنجر صاغه والدي وزخرفه في منزلنا التقليدي، وأظهر فنون الزخرفة اليدوية، التي ميزت الزخرفة الإسلامية، التي رسمت على بدن تلك القطع المصنوعة من الذهب، والتي صنعت في دولتنا منذ سنين طويلة.
كذلك، عرضت نهاية رحلة تلك الحرفة، وكيف أضفت كحفيدة للصاغة إضافات عالمية على المنتجات التراثية، لتقدم في حلة جديدة تجمع الماضي والحاضر. وتصدر الخيل العربي تصاميمي الجديدة، التي حملت السيف تارة، وتارة أخرى تزينت بشعار حكومة الإمارات، وعلم الدولة.
وتتوجه جميع تصاميمي حالياً، نحو الخيول، حيث أجد نفسي أنجذب لها، وأتطلع إلى إبراز تاريخ تزيينها ودور الصاغة من أجدادي في تزيينها، حيث تخصص جدي الصائغ عبدالرحمن الشلي في تزيين خيول بصنوف الحلي التقليدية المصنوعة من الذهب، أيضاً حكت لي والدتي شيخة عن دور والدها في ذلك، وكون الخيل يرتبط بالشجاعة، والسيف أداة الفروسية، فإني أجد نفسي أرتبط تلقائياً بإخراجهما معاً في تصاميم مبدعة أبهرت الحضور، واستقبلت تلك التصاميم آلاف العدسات، لزائرين من شتى بقاع العالم.
} ما الجهات التي دعمت المعرض؟
ـــ سر كل نجاح هو الدعم، وأوجه شكري الجزيل للراعي الرسمي للمعرض، معهد الشارقة للتراث، وأتوجه بالشكر لمديره عبد العزيز المسلم، الذي حمل على عاتقه رسالة توجيه جل إمكانياته في حفظ وتطوير ودعم التراث الإماراتي، من خلال نشاط وفعاليات المعهد، وأشكر أيضاً أسماء السويدي لدورها في دعم الفكرة وتوفير جميع سبل تنفيذها.
} لماذا تركزين على تاريخ السيوف والخناجر؟
ــ وجهت جل اهتمامي منذ عام 2007 نحو توثيق حرفة صياغة السيوف والخناجر في الدولة، لأسباب عديدة منها: أن تلك الحرفة تعتبر من الكنوز الوطنية، وتعتبر السيوف رموزاً في جميع الحضارات للشجاعة والفروسية، كما أنني وجهت اهتمامي إلى الزخارف والجماليات والتقنيات، التي صنعت تلك السيوف والخناجر.
} هل يتقن الكثيرون أسرارها ؟
ــــ تعتبر حرفة صياغة السيوف، من الحرف التي اندثرت، ولم يبق منها سوى المعلومات التي دونت في كتاب «صياغة السيوف والخناجر التقليدية»، التي قمت بتأليفه بمجهود فردي قوي، حيث توفى أغلب الصاغة، ولم يبق لأعمالهم أي أثر، سوى آخر خنجر بقي من ورشة والدي، والذي كان محور المعرض.
} هل مثل هذه المعارض تحافظ على التراث الأصيل؟
ــ تعتبر المعارض والمهرجانات والفعاليات التراثية جسراً للأجيال للوصول الى تراث أجدادهم، ويجمع المجتمعات للتعريف عن الثقافات والعادات والتراث بشتى مناحيه. فتميزت الإمارات وبقية دول الخليج بالاهتمام في إضافة تلك الفعاليات ضمن خططها السنوية. وهذا ما أطمح إليه من خلال توجيه أهدافي الشخصية وبدعم من الجهات المعنية بالتراث والثقافة لتنظيم معارض سنوية تكشف في كل مرحلة جانباً من حرفة الصاغة التقليدية بحيث يكون كل عرض مختلفاً عن الآخر في العناصر المقدمة ومتفقة في المحتوى الفكري والمتمحور في جانب صياغة السيوف والخناجر والذي يتنوع من حيث التقنيات والفنون الزخرفية والأدوات المستخدمة والثقافة في استخداماته وتاريخه.
} هل ترين أن الجيل الحالي لا يزال متمسكاً بتراثه وتقاليده؟
ــ لمست من خلال بعض الأدلة حب الجيل وعشقه للتوجه إلى تذوق حياة أجدادهم، من خلال الرجوع إلى الزي التراثي في المناسبات، والتقيد بالعادات في اللبس والمأكل والسجايا الحسنة، وأهم ما يعنيني كباحثة في مجال صياغة الحلي التقليدية، الصحوة التراثية بين النساء، في الرجوع إلى التصاميم الشعبية في المصاغ، حيث نجد أن كل امرأة إماراتية أوخليجية، تملك قطعة أو مجموعة من الحلي، ذات الطابع القديم الشعبي، مما يؤكد أن الذوق والحس التقليدي متأصل بين الأجيال، رغم قوة تيارات الموضة في لبس الحلي.
} وهل مازال التمسك بالتراث والتقاليد باقياً وينفذهما الرجل والمرأة ؟
ـــــ لم يبق من تراث حرفة الصياغة التقليدية أي أثر، بعد رحيل الأسر والعوائل التي مارستها، حيث حلت الورش الغربية محل ورشنا، وتوقفت الحرفة بين أفراد العوائل المنتجة لها.
} كيف ترين مستقبل التراث الإماراتي؟
ــ لا أجد أي خطورة على التراث الإماراتي، بفضل اهتمام القيادة بحفظه، فالصحوة التي نلمسها من خلال الاحتفالات والفعاليات التراثية، أكبر دليل على أن التراث الإماراتي لم يستسلم للتيارات الغربية، حيث نجد أن الإمارات من أكثر الدول الخليجية التي لا تزال متمسكة بعاداتها وتقاليدها في اللبس والعادات الاجتماعية، رغم أنها أكثر الدول تحضراً.
} هل لك مشاركات محلية وإقليمية في هذا الخصوص؟
ــ ساهمت بمشاركاتي في تنظيم المعارض التراثية في نشر ثقافة لبس الخنجر، والجماليات الفنية في صناعتها، والتعريف إلى أنواع السيوف.

هوية وطنية

تقول حليمة الصايغ: جسد معرض «قصة خنجر»، الهوية الوطنية من خلال إبراز جانب مهم من الهوية التراثية، والتي قدمت الفنون الزخرفية في صناعة السيوف، وعادات لبس الخنجر، وحمل السيف، وعمل الإماراتيون في تلك المهنة، التي أنتج فيها المصاغ التقليدي للرجل والمرأة، والمعرض يهدف إلى كيفية تطوير التراث وتوظيفه، في حلة جديدة، حيث عرضت في المعرض تصاميم وتحف تراثية، جسدت الفنون التشكيلية العالمية في تراث الإمارات، وحولت القلاع إلى سيمفونية فنية ذهبية في تصاميمي، وقدمت البرقع في تشكيل فني أبهر الزوار من جميع دول العالم، أما المجوهرات فكانت قصة إبداعية، جمعت فيها حكايات الأحجار الكريمة.
الخيل والبيداء والرمح، توجهاتي الجديدة، بعد أن أخرجت الخنجر من جراب النسيان، وأوليت جل إمكانياتي المالية والشخصية، لحفظه من الاندثار، من خلال تدوين تاريخ زخرفتها في كتابي الأول «صياغة السيوف والخناجر التقليدية في الإمارات»، والآن، التوجه إلى الفروسية والخيل، في تصاميم التقطت صورها، كاميرات الزائرين من شتى بقاع العالم.

قصة لن تنتهي

كما هي قصص البطولات والشجاعة والفروسية المستمرة في الحياة، فإن «قصة خنجر»، ستبقى تسطر في كل عرض قصة جديدة، في رحلة حليمة الصايغ الناعبي، لتستخرج الكنوز الوطنية والعالمية، في قصص شيقة، تبرز الفنون الزخرفية والتقنيات اليدوية والجماليات في أعمالها وأعمال أجدادها.
وأتمنى من أصحاب القرارات دعمي في مسيرتي، لكي أستمر في نشر الثقافة والتراث والفنون الزخرفية في دولة الإمارات، فأتوجه إلى أولي الأمر، الذين استهدفوا حفظ التراث الإماراتي الغالي، بدعمي، لكي أزخرف قصصاً جديدة للسيف في المرحلة القادمة، وجمالياته وقصصه في الإمارات ودول الخليج.
فهدفي أن أسطر تاريخ وطني الغالي في هذا المجال، الذي لم يسبق له أن دوِّن، ووصل إلي، لأحمل الأمانة على عاتقي في تقديمها للأجيال والحضارات.

وقت وجهد ومال

تعتبر حليمة الصايغ عملها في حفظ تراث صياغة السيوف والخناجر، مجهوداً فردياً، بذلت فيه كل طاقاتها وإمكانياتها المالية، للعمل في الحفاظ على هذا التراث. وتقول: واجهت الكثير من التحديات والعقبات، وأكبر تحد ما زلت أعانيه، واستنزف وقتاً وجهداً ومالاً في سبيل مواجهته، هو سلب حقوقي الفكرية والمالية، ومجهودي الفكري، مثل منع انتشار كتاب صياغة السيوف والخناجر، الذي يعتبر كنزاً إماراتياً، يبحث عنه الجميع من دول مختلفة، ويسأل الجميع عن مصدر الحصول عليه.
ولكنني لا أجد رداً على استفسار من يرغب في الحصول على نسخة منه، وتمتنع الجهة المعنية عن نشره، وبالتالي، منعت نشر جانب مهم وكنز إماراتي.
ومن هذا المنبر الثقافي، أرسل رسالتي إلى من بيده القرار، لفك قيود «كتاب صياغة السيوف والخناجر»، الذي واجهت في كتابته الكثير من العقبات، حيث استغرقت مني كتابته ما يقارب ال 7 سنوات، واجهت فيها تحديات كثيرة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"