قراءات

01:43 صباحا
قراءة دقيقة واحدة
إعداد: محمد صالح القرق

أتيح للتابعي الجليل الأحنف بن قيس أن يتتلمذ على أيدي جل الصحابة الكرام، وفي قِمتهم الفاروق رضوان الله عليه، فشهد مجالسه، وسمع مواعظه، ووعي أقضيته وأحكامه، فكان من ألمع التلاميذ الذين أنجبتهم المدرسة العمرية، وأعمقهم تأثراً بمعلمها العبقري الفذ.
ولقد قيل له ذات مرة: بم أوتيت ما أوتيت من الوقار والحكمة؟. فقال: بكلمات سمعتهن من عمر بن الخطاب حيث قال: من مزح استخف به، ومن أكثر من شيء عرف به، ومن كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه.
وكان الأحنف عباداً، صواماً، قواماً، زاهداً بما في أيدي الناس، وكان إذا جن عليه الليل أسرج مصباحه ووضعه قريباً منه، ووقف في محرابه يصلي.
وكان كلما استشعر ذنباً من ذنوبه، أو لاح له عيب من عيوبه، قرب إصبعه من المصباح وقال: حس يا أحنف (أي: توجع وتألم)، ما حملك على أن فعلت كذا يوم كذا؟!، ويحك يا أحنف إذا كنت لا تطيق اليوم لهب المصباح، ولا تصبر على حره، فكيف تطيق غداً لهب جهنم، وتصبر على أذاه؟!، اللهم إن تغفر لي فأنت أهل لذلك، وإن تعذبني فأنا أهل لذلك.

من كتاب «صور من حياة التابعين» للدكتور عبدالرحمن رأفت الباشا

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"