قناديل الكتب

01:14 صباحا
قراءة دقيقتين
شيخة المطيري

أمنيات القراء قناديل معلقة على أشجار الكتب، وأحلامهم طيور تغدو خماصاً وتعود بطاناً، كيف لا؟ وأسرابها تدرك أن الموسم النقي لتحقيق أمنياتها، هو معرض الشارقة الدولي للكتاب، بأيامه التي تفرد أجنحة الكتب والكلمة لتبدأ الحياة بشكلها المتجدد والمنتظر منذ عام.
ولعل أول ما يتبادر إلى ذهن المتابع لهذا المعرض، الارتباط الأول معه، فلا أظن أن ذاكرة ما تخلو من مشاهد زياراته حين كنا أطفالاً، حيث حافلات المدارس البرتقالية والصفراء التي تقلنا إليه، وتوجيهات المعلمات بأن نلتزم طوابير السير معاً، وأغلفة الكتب الجاذبة التي كنا نحظى منها بكتاب أو كتابين، وفي أفضل الظروف نتجاوز الثلاثة بقليل، كنا كلما كبرنا أكثر كلما زاد عدد الكتب التي كانت تسعدنا وتدخل البهجة إلى القلب، والفكرة إلى العقل.
اليوم أتمنى أن أدخل إلى ذاكرة الأطفال لأوصيهم بتعزيز تلك الذاكرة بمشاهد أكثر، وأتمنى أن أهمس لكل معلم ومعلمة وصاحب دار نشر، بأن تتسرب دهشة اللقاء بالكتاب والفرح به عبر جناحي ابتسامة منهم، يراها الطفل فيدرك أنه يقف أمام شيء عظيم، وكم أود أن أقول لهم إنهم يشكلون ذاكرة الطفل وعلاقته بمعرض الكتاب، وأن عليهم أن يحسنوا صنعاً في ذلك.
حب الكتاب ليس ترفاً، والقراءة ليست عملية متعلقة بما تحمله موجة الأيام من اهتمامات، لكنها حياة بل أكثر، هذا ما تعلمناه في معرض الشارقة للكتاب من خلال تتبعنا لقوافله التي تمر بنا ونمر بها.
منذ اللقاء الأول بهذا المكان، تعرف قيمة الكتابة والقراءة، وتدرك أنك أمام مصنع للعقول والأفكار، وتستحضر القائمين عليه باهتمام ورعاية، بداية من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والدنا الذي أشرك المثقف في فهم المسؤولية الثقافية وتحملها، والذي آمن ببناء الإنسان المتحضر الواعي والمحصن بالثقافة، وأوكل الأمر لمن هم أهل له، وهم هيئة الشارقة للكتاب بقيادة أحمد بن ركاض العامري الذي نلمس حرصه على نجاح المعرض وجعله في مقدمة المعارض العالمية للكتاب.
إن هيئة الشارقة للكتاب من خلال مشاركتها في معارض الكتب العالمية، التي تُختار الشارقة كضيف شرف فيها، تكون حريصة على أخذ ثلة من الكتاب لتمثيل الثقافة الإماراتية، وإثراء البرنامج الفكري المصاحب لتلك المعارض، ومن خلال مشاهدتي الخاصة وانطباعاتي التي استقيتها من مشاركاتي في عدد من تلك المعارض، فإنني إلى الآن لم أر معرضاً عالمياً للكتاب يشبه معرض الشارقة من حيث التنظيم والتنوع والفعاليات، والبرامج التدريبية المصاحبة للمعرض، من ورش لمتخصصي المكتبات والورش الخاصة بالناشرين.
والجميل المميز في المعرض أنك لا تقابل الكتب فقط، بل تقابل الكتّاب والشعراء والمفكرين والناشرين ومحبي القراءة ومسؤولي المؤسسات الثقافية، تستمع إلى الشعر والأدب، تناقش النقاد والأكاديميين، كما تتابع العروض المسرحية، وتتفاعل مع أبطالها، وترى ثقافات متنوعة من خلال دور النشر المختلفة الثقافات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"