وتعاود الكاتبة العراقية إنعام كجه جي حديثها: «أستطيع أن أقول إن اتجاهي لدراسة الصحافة في الجامعة، وتجربتي في تأليف الروايات هي نتاج تلك النصوص الجميلة التي أحسن واضعو المناهج اختيارها.. ففي تلك الأيام كانت ساعات البث التلفزيوني محدودة، ولم نكن في جيلي نعرف الفاكس والنت والفيسبوك والهاتف الجوال والفضائيات والإيميل؛ لذلك كان الكتاب هو الرفيق الأمثل والأمتع».
وأعربت مؤلفة رواية «النبيذة»، عن أمنيتها بأن يكون المشرفون على المناهج اليوم بمثل رحابة الفكر التي كان عليها المربون في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، فلا تتسلل إلى كتب الدراسة نصوص تشجع على الانعزال أو التشدد أو الطائفية أو الابتعاد عن الحس العروبي والوطني، مضيفة: «لقد تعلمنا الوطنية وتعلقنا بعالمنا العربي، من خلال القصائد وإناشيد التي حفظناها في المدارس. وفهمنا مأساة أشقائنا في فلسطين من التمثيليات، التي كنا نؤديها على مسرح المدرسة، والأشعار التي حفظناها لشعراء المقاومة».
وتابعت «كجه جي»: «أنا اليوم أم لابن وابنة في سن الشباب، وعلى وشك أن أصبح جدة، ولا أنسى تلك اللحظة التي عاد فيها ابني البكر من المدرسة في باريس، وطلب مني مساعدته في حفظ قصيدة للشاعر بول إيلوار، مقررة عليه في المنهج. نفرت الدمعة من عيني؛ لأن الولد كان في الصف الثاني الابتدائي، يعني عمره لا يتجاوز السابعة، بينما سمعتُ أنا باسم الشاعر الفرنسي إيلوار، وأنا طالبة في كلية الآداب».
الروائي علي سيد، لم يرد أن يظلم مناهج اللغة العربية، لكنها في النهاية ترس ضمن مجموعة تروس أخرى جامدة صدئة، فالمناهج جميعها لا تزال تعتمد على الحفظ والتلقين، وليس الفهم والإدراك. متذكراً «في المرحلة الثانوية، كنت مهتماً كثيراً بالشعر، وأحاول كتابته، ولا أزال أتذكر دهشتي عندما اكتشفت شعراء أمثال بدر شاكر السياب، وصلاح عبد الصبور، وأمل دنقل، ودار في ذهني سؤال وقتها: لماذا لا ندرس قصائد هؤلاء في مناهجنا؟ لماذا نضطر لحفظ ودراسة قصائد بلا روح؟ أو ربما كان لها روح في عصرها، لكنها لا ترضي شغف المتطلع إلى الشعر في عصرنا».