.. والعزف أيضاً عن بُعد

عين على الفضائيات
03:42 صباحا
قراءة دقيقتين
مارلين سلوم

محاصرون ب«الكوفيد ١»، وأخباره، لا مفر. والأذكياء لا يجدون وقتاً للملل، وإن حكم عليهم الوباء اللعين بالبقاء في البيوت مدة لا نعرف موعداً لنهايتها بعد.

محاصرون لكننا غير معزولين عن العالم. نتدبر أمورنا، نتواصل مع أحبتنا أكثر من قبل بكثير، ونطل على العالم، ويطل علينا من نوافذ التواصل الاجتماعي، والتقنيات الحديثة التي تتيح لنا العمل، والتعلم، والتعليم، وعقد اجتماعات، وحتى إتمام استشارات طبية عن بُعد.

وينشط «يوتيوب» بفضل المقاطع التي يصورها الناس، ويتولون نشرها، لإظهار وسائلنا الحديثة في مقاومة الوباء، والمحافظة على الفرح والأمل في الحياة، ومن أجل مساندة ودعم كل من أصيبوا ب«كورونا»، وتشجيع الناس على ملازمة البيوت بصبر، لا بتذمر.

ومن مقاطع الفيديو التي أدهشتنا، فيديو لعازفي الأوركسترا الوطنية الفرنسية، الذين التقوا افتراضياً، أي عبر التقنيات والتواصل الاجتماعي، وعزف كل منهم من منزله، وعلى آلته، ليقدموا رائعة «بوليرو»، لموريس رافيل.

٥١ عازف كمان، وإيقاع، وفلوت، أوركسترا كاملة، وتناغم تام بلا أي خطأ، ومقطوعة موسيقية تعتبر من أجمل الكلاسيكيات في العالم، ألّفها موريس رافيل عام ١٩٢٨. كيف اجتمعوا في مشهد واحد؟ كل منهم صوّر فيديو لنفسه، ثم تولى أحد العاملين في إذاعة فرنسا جمع المشاهد لتشكيل مشهد أوركسترالي حديث، شاهده نحو ٤٠٠ ألف شخص في ٤٨ ساعة فقط.. العزف عن بُعد سمح لنا بالاستمتاع بالأوركسترا الوطنية الفرنسية، كما أتاح لنا مشاهدة حفل للموسيقار عمر خيرت من دار الأوبرا المصرية، وبرفقته ٤ نجوم: علي الحجار، ومدحت صالح، وريهام عبد الحكيم، وأمينة خيرت.

ومبادرة وزارة الثقافة المصرية تحت عنوان «الثقافة بين يديك» تصب أيضاً في إطار تشجيع الناس على البقاء في البيوت، ودعم الدولة في حربها على «كورونا». عروض تبث يومياً عبر قناة الوزارة على «يوتيوب»، تحقق نسب مشاهدة عالية، لروائع فنية عدة، مثل عروض الباليه «كسارة البندق»، و«بحيرة البجع»، وغيرهما، والأوبرات مثل «عايدة» و«كارمن»، وعروض لأفلام قصيرة، ووثائقية.. ما يدل على حاجتنا فعلياً إلى مبادرات غير تقليدية، تكسر قيود روتين الشاشة، وبرامجها المملة، ورتابة مذيعيها (أغلبيتهم لا كلهم)، في «اجترار» المعلومات، وأسلوب التقديم، واستعراض الذات، والتذاكي على المشاهدين.

في زمن «كورونا»، كسرنا طوق المشاهدة الروتينية، وخرجنا إلى المشاهدة الحديثة عن بعد، و«أونلاين»، مع عروض كلاسيكية فنية راقية، ورائعة، تؤكد إمكانية استمتاع الجمهور بمختلف أجياله بالأعمال الفنية الخالدة، وليس بأغاني المهرجانات فقط.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"