إجراء قاسٍ

05:00 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

التعليم الخاص، جزء لا يتجزأ من منظومة العلم في الدولة، وجهود القائمين عليه مقدَّرة ولا جدال، وإهمال دوره أمرٌ أقرب للمستحيل، وتجاهل مخرجاته لا يجوز، وجودة خدماته أمراً مشهوداً، لاسيما أنه يضم 643 مدرسة، تحتضن 810 آلاف و537 طالب وطالبة، يدرسون 14 منهجاً دراسياً، على أيادي 50 ألفاً و869 معلماً ومعلمة بجميع التخصصات.
وهنا تكمن أهمية هذا القطاع، إذ إن الأعداد الطلابية كبيرة، وكوادره التربوية ليست بالقليلة، وهذا يجسد في حد ذاته مسؤولية، تتطلب من جميع فئاته، بدءاً من الطالب وصولاً إلى الجهات القائمة على إدارته، العمل الجاد، وتضافر الجهود لاستمرارية الإنتاج التعليمي، والارتقاء بمخرجاته.
ولكن في الأمس القريب، خرجت علينا بعض المدارس الخاصة، بإجراء قاسٍ، على الطلبة وأولياء أمورهم، إذ حجبت عنهم البث في برنامج التعلم عن بُعد، لتعذرهم في سداد الرسوم، مستندين إلى «جزئية»، وردت في تعميم إحدى الجهات المعنية، بشأن تأخر الرسوم، وعلى الرغم من أنها لا تحاكي نصوص قانون التعليم الخاص، وجدت فيها تلك المدارس ضالتها المنشودة كوسيلة ضغط على أولياء الأمور.
وإذا فرضنا جدلاً أن هذا الإجراء، يأتي لحاجة تلك المدارس إلى الوفاء بالتزاماتها، فلماذا إذاً تقوم بإنهاء خدمات معلميها، وتمنح الإجازات بدون راتب أو بنصف أجر؟، على الرغم أن التعلم عن بعد، خفض لها التكاليف التشغيلية، وكان الأقل تأثراً بتداعيات فيروس كورونا المستجد، ومازال مستمراً بفضل جهود الدولة المنشودة.
لا ننكر على تلك المدارس حقها في المطالبة برسومها، وتحصيل مستحقاتها المالية، ولكن يجب أن تكون في إطار اللوائح، التي لم يرد فيها نص واحد يمنح للمدارس، أحقية حرمان الطالب من التعليم، عند تأخر سداد الرسوم، ومنحتها فقط صلاحية حجب نتائج الطالب وشهادة الانتقال التي بدونها لا يستطيع الترفيع للصف الأعلى أو الانتقال لأي مدرسة أخرى.
الشيكات التي يصدرها أولياء الأمور لصالح المدارس من أجل الرسوم، تعد ضماناً إضافياً يحفظ للإدارات حقوقها المالية، ولكن على الرغم من كل هذه الضمانات، إلا أن بعض المدارس ما زالت تصر على أن تجعل الطالب، «ورقة رابحة»، تستخدمها لتحصيل رسومها، في وقت يجب أن يكون الطالب خارج النزاعات المالية بين ولي الأمر والمدرسة، لاسيما أن قطاع التعليم بكامل قطاعاته وكوادره وجدت من أجله.
إن استقرار الطالب، وتأمين علومه ومعارفه، والارتقاء بمستواه، وإعداده للمستقبل، مسؤولية جميع من ينتمي إلى المنظومة، فإشكاليات المدارس وأولياء الأمور مهما كانت أسبابها، تنعكس سلباً على الأبناء، فنحن في حاجة إلى المزيد من تضافر الجهود، والالتزام بالمهام، واحترام ما أوردته اللوائح، لتحقيق التكاملية في الأدوار، ولنجعل المرونة والتعاون والمودة، لغة سائدة لتسيير الركب في مجتمع التعليم الخاص.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"