العالم في مرمى «فيروس»

03:40 صباحا
قراءة دقيقتين
جمال الدويري

ليس هناك ما يكتب عنه إلا «كورونا»؛ الفيروس الذي لم نره، ولن نراه بعيوننا، سيطر على أفكارنا وحياتنا، وأصبح حديث العالم بلا منازع، ولم تعرف البشرية في تاريخها - حسب كبار العلماء - قضية تحدثت عنها البشرية بأكملها مثل هذا الفيروس.
العالم كما نعرفه قويّ جداً، بأسحلته وترسانته العسكرية ومعدّاته، ولكن هذا الفيروس أثبت أن هذا العالم أضعف بكثير مما كنا نتصور، فشيء لم نره فعل بنا هذا كله.
خطورة ما يسمى ب «كورونا»، أنه لم يصب قطاعاً واحداً في الحياة، بل أصاب الحياة كلّها، لأنه ضرب في وترها الحساس: الصحة، وما تبعها من ضربات تكاد تكون قاضية لبعض القطاعات الاقتصادية والطيران والحدود، وما سيتبع ذلك من إفلاس شركات واستغناءات عن موظفين، و«خراب بيوت».
الفيروس بحسب العلماء، أصاب الاقتصاد أكثر مما أصحاب الصحة، فخمسة آلاف وفاة لا تعني شيئاً في عالم يربو على 8 مليارات نسمة، والكثير من الأمراض التي أصبحنا نحن وإياها على علاقة، تقتل أكثر من هذا الفيروس بكثير.
«كورونا» شكل اختباراً حقيقياً لقدرات الدول في التعاطي مع الأزمات، وكشف وهن الكثير منها، وسجل للإمارات ديناميكيتها وحيويتها في التعامل معه؛ فكلنا شهدنا أنها كانت من أوائل الدول في العالم، في تفعيل منظومة التعليم عن بعد، و«الأولى عربياً»، وأعلنت أمس السبت عن حزمة إصلاح اقتصادي ب 100 مليار درهم.
كل ذلك يحسب للدولة، وما تبعه من إجراءات احترازية أخرى، مثل تعقيم وسائل النقل العام والمدارس وحافلاتها، وإلغاء الاحتفاليات والمؤتمرات والفعاليات، كل هذا يحسب لدولة القرار الفاعل والصائب.
ولكن، بالرغم من ذلك، فالحياة فيها طبيعية ومرافقها تعجّ بالناس والرواد، باستثناء بعض «المرتزقة» الجاهزين دائماً للشماتة ووصف الأمور كما يتمنون في خيالهم المريض، ودائماً الضحية الأولى بالسبّ والقذف موجهة إلى دبي دانة الدنيا المتلألئة دائماً.
وبالعودة إلى أن العالم أضعف مما نتوقع، نعي تماماً أن العالم سيصحو، بإذن الله من هذه المصيبة، وستعود الحياة إلى مجاريها وأفضل، إلا أن الأمر المحتوم نقاشه الآن، ماذا لو خرج لدينا مرضى عقليون، كما يحدث في أفلام هوليوود، وأرادوا التخلص من البشرية، فالحرب البيولوجية أو الجرثومية أو الميكروبية، كما تعرف اصطلاحاً، تعني الاستخدام المتعمّد للجراثيم أو الفيروسات، عبر نشر الأوبئة بين البشر والحيوانات والنباتات، وقد استخدم ذلك قديماً بإمكانات متواضعة، بتسميم مياه الشرب والمأكولات، خلال الحروب، وكان إلقاء جثث المصابين بالأوبئة في معسكرات الأعداء، رسالة تدلّ على التمكّن والنصر.
الإمكانات المهولة التي تعجبنا في هذا العالم، من تقنيات وطيران وارتباط وتواصل حتى النخاع في كل شيء، هي كذلك، قد تكون وباء علينا، ما لم نتحصّن منها، ونتيقظ لكل ما قد يؤذينا؛ فالعالم كله في مرمى «فيروس».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"