القيم والأخلاق

04:22 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

المعلم أهم أركان العملية التربوية، فهو صاحب الرسالة لتعليم الأبناء وإعدادهم للمستقبل، فالنظر إليه منذ القدم، يرتكز على الاحترام والتقدير والتبجيل، إذ تقع على عاتقه مسؤولية صناعة الأجيال، وتربية وتعليم الطلبة من المهد إلى اللحد.
ومنذ القدم أيضاً هناك معايير وضوابط تحكم العلاقة بين المعلم والطالب، لضمان الإيجابية وتحقيق أهدافها، وعدم الخروج عن المألوف، إذ إنها تستند إلى الاحترام المتبادل بينهما، لجعل العملية التعليمية القاسم المشترك، ولينتفع الطالب بالعلوم والمعارف، والمعلِّم بأداء رسالته على الوجه الأكمل، ولتكون الأخلاق الأصيلة ركيزة تلك العلاقة، مع احتفاظ المعلم بالقيم العليا إلزامياً، حفاظاً على رسالة العلم من أية إساءة أو تشويه.
هكذا جاءت مكونات العلاقة الإنسانية بين المعلم والطالب، ولكن استوقفتني واقعة غريبة التفاصيل، حول معلم، دانته محكمة الجنايات في دبي بهتك عرض طالب بالإكراه داخل المدرسة، وقضت بحبسه ثلاثة أشهر مع الإبعاد، لتسقط مع تلك الواقعة كل القيم والأخلاق الحميدة. وهنا نتساءل: كيف يفكر أحد صنّاع الأجيال في التحرش بطلابه، بدلاً من التفكير في تعليمهم وتربيتهم وتأهيلهم أخلاقياً وسلوكياً ومعرفياً؟ وهنا تذكرت معادلة الخوارزمي الشهيرة حول الأخلاق، إذ اعتبرت أن الرقم (1) يمثل الأخلاق لدى الإنسان، ومع وجود الجمال، يضاف صفر (10)، ونزيد صفراً ثانياً مع وجود المال (100)، وثالثاً إذا كان الإنسان ذا حسب ونسب (1000)، ولكن إذا ذهب الرقم (1) الذي يعني الأخلاق، تذهب معه قيمة الإنسان، وتبقى الأصفار التي لا قيمه لها.
وهذا ما حدث بالفعل مع المعلم صاحب هذه الواقعة، الذي قد يكون لديه المال والجمال والعائلة العريقة، والنسب الذي يتباهى به، والمكانة الاجتماعية التي يفتخر بها، لكنه مع الأسف لا يساوي إلا صفراً عندما غاصت أخلاقه في ذلك الوحل، وتناسى أن الأبناء في المدارس أمانة، وتربيتهم وتعليمهم أمانة، والتعامل معهم والمحافظة عليهم أيضاً أمانة، ومع سقوط الأخلاق تسقط القيم والأمانات.
لا شك أن الواقعة فردية، لا جدال في ذلك، لكنها تعد مؤشراً خطيراً على وجود فئة ضالة من المعلمين غير الأسوياء في المجتمع المدرسي، وهذا يفرض على الجميع مهمة البحث عنهم والعثور عليهم، لحماية الأبناء، وعلينا أيضاً الارتقاء بمعايير اختيار المعلمين في المرحلة المقبلة، لاسيما في المدارس الخاصة، ومواجهتهم باختبارات حقيقية تقيس أخلاقياتهم قبل مهنيتهم.
إن إعادة النظر في تدريب وتأهيل المعلم، ضرورة ملحة، على أن تشمل البرامج الخاصة في هذا الاتجاه، الجانب الأخلاقي والسلوكي، لتعزيز الوشائج الإنسانية التي تربط بين الطالب والمعلم، لتكون المظلة الحقيقية لها القيم والمبادئ والأخلاق.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"