ساعة و 32 دقيقة

04:17 صباحا
قراءة دقيقتين
جمال الدويري

ساعة و32 دقيقة..
هذا ليس زمن رحلة جوية إلى واحدة من دول الجوار، بل مدة زمنية يطلب بنك من أحد عملائه، الانتظار على الخط، ريثما يتاح لقسم «الردّ» الإجابة.
البنك «الذكي» والشركات «الذكية» وهم كثر هذه الأيام، بدأ بعض المديرين البارعين فيها، بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي، في مواكبة للثورة العالمية الحاصلة، فأنهوا خدمات موظفين، وأقفلوا أقساماً كانوا يديرونها واستعانوا ب «روبوتات» مهمتها في الوقت الحالي إعاقة أعمال الناس لا مساعدتهم.
هل فكر الرئيس التنفيذي لهذا البنك أو تلك الشركة، في المجيب الآلي الذي يردّ على عميل على عجالة من أمره، فيخبره أن الزمن المتوقع للإجابة فيه عن اتصاله، هو ساعة و32 دقيقة، المسؤول لو علم بذلك ستكون إجابته حتماً بأن لدى البنك تطبيقاً على الأجهزة الذكية ولا حاجة للعميل بعد اليوم للاتصال على «مقسم» البنك، وكأن جميع عملاء هذا البنك خريجو أعتى الجامعات، وكلهم مهرة في إدارة حياتهم عبر التطبيقات الذكية.
في وقتنا الحالي، ومهما بلغت المؤسسات والدوائر والبنوك من ذكاء سواء اصطناعي أو «بشري» فإنه من غير المعقول الاستغناء عن الموظفين وترك الأمور على غاربها للمجيب الآلي، فيعذبنا حتى نصل إلى ما نريد.
موضوع الذكاء الاصطناعي، وبما أن الإمارات هي أول دولة في العالم خصصت وزيراً له، فإنه بالتأكيد لم يكن قصدها ما قامت به هذه المؤسسات، مسألة «الذكاء الاصطناعي» التي استحدثت في الحكومة مهمتها التشريع وتوفير المناخات والبيئة الصحية، للبدء في التحول التقني شيئاً فشيئاً، خاصة أنه لم يعد هناك مناص من الخدمات الكبرى التي توفرها الثورة الصناعية الرابعة.
بعض المسؤولين، وللأسف، يتعاملون مع الوظيفة، وفق مؤشرات وهوامش تبين لهم مستويات معينة من التقدم والتطور، ومن بعض هؤلاء أولئك الذين يتسابقون في إدخال كل ما هو حديث أو وجديد إلى مؤسساتهم، ليرفعوا في نهاية المطاف إلى مسؤولهم الأعلى، تقريراً يؤكدون فيه أننا «طبقنا» و«فعلنا» و«استحدثنا»، بغضّ النظر عن النتيجة المحققة، لأن المسؤول الكبير يثق بالمسؤولين التنفيذيين، ولن يقارعهم في كل ما يقولون.
موظفون أعدادهم ليست قليلة، بدأوا يفقدون وظائفهم بسبب هذه التقنيات، وعلى ما يبدو أنها أصبحت ذريعة للمسؤولين للاستغناء عن الناس، لأن بعض الشركات أو المؤسسات التي استعانت بها، وللأسف، لم تعط لنفسها فترة اختبارية لسنة أو اثنتين، أو حتى عشر إذا لزم الأمر، لمعرفة خير هذه التقنيات من مضارها، بل سارعت إلى الاستعانة بها دون محاولة معرفة النتائج.
الثورة الصناعية الرابعة، مفتاح المستقبل، بلا شك، وتطبيقها يجب أن يأخذ وقته، لأن نتائجها برمجية وتقنية وخوارزميات قد لا تحمد عقباها.
الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى ذكاء بشري لإدارته، وإلا انقلب السحر على الساحر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"