مرتزقة البيانات

03:56 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

تشكل البيانات الضخمة اليوم، ركيزة أساسية في صياغة قرارات الحكومات، وبناء استراتيجيات، تأخذنا إلى تحولات وتطويرات شتى، في مختلف المجالات، وهنا تبرز أهمية تلك البيانات وإدارتها، وحتمية إيجاد سبل متنوعة لحمايتها، بنفس سرعة المحاولات المتطورة ل «مرتزقة الهجمات» عبر الإنترنت.
وما يؤكد تلك الحتمية، وقائع تقرير حديث، استوقفني مؤخراً؛ إذ ركز على حالة الأمن السيبراني في بعض البلدان، ومدى قدرة المؤسسات على حماية بياناتها؛ حيث واجهت 61٪ من مؤسسات اشتملها الاستطلاع، هجوماً عبر الإنترنت في الأشهر ال 12 الماضية، وعانت 54٪ منها، اختراق بيانات تتضمن معلومات حول الموظفين أو العملاء، والحمد لله لم تشمل هذه الإحصائيات الإمارات من قريب أو بعيد، ولكنها تدعو في الوقت ذاته إلى القلق؛ نظراً لأهمية إدراك المؤسسات المفاهيم الجديدة للبيانات، ودورها في المستقبل القريب.
وهنا ينبغي أن نسأل أنفسنا عن مدى جاهزيتنا لمواجهة أي اختراق قد يهدد بياناتنا في مختلف القطاعات، لاسيما أن سبل «مرتزقة الإنترنت»، تتطور بشكل متسارع يوماً بعد الآخر، وهل أدركت مؤسساتنا «حكومية أو خاصة»، أهمية البيانات ووسائل جمعها وتصنيفها وحمايتها؟ سنترك المؤسسات تجيب بنفسها عن تلك التساؤلات بحسب رؤيتها وقدرتها وإمكانياتها، وما أنجزته في هذا الجانب.
«الوقاية خير من العلاج»، مقولة تعوّدت عليها مسامعنا منذ الصغر؛ إذ تعني اتخاذ الإجراءات والاحتياطات التي تمنع عنا الإصابة بالأمراض المختلفة، وهنا ينبغي أن نقي أنفسنا من الاختراقات الخبيثة، من خلال فهم ماهية البيانات، وترسيخ أهميتها في عقول ونفوس أفراد المجتمع ومؤسساته.
ومن وسائل الوقاية التي ينبغي أن نعوّل عليها في المرحلة المقبلة، التركيز على الدورات المتخصصة المستدامة لجميع العاملين في وزارات وهيئات الدولة ومؤسساتها، للتعرّف إلى ماهية البيانات الضخمة، وسبل التعامل معها وتصنيفها وحمايتها، وفق مجالات العمل المختلفة، لاسيما أن الجميع يركز حالياً على تحليل البيانات الضخمة، واستثمار المعرفة لتحقق قيمة مضافة تساند متخذ القرار.
والتعامل مع البيانات الضخمة يتطلب أيضاً إعداد جيل مؤهل قادر على إدارة «البيانات»، بمختلف مساراتها، ولتكن البداية من مدارسنا وجامعاتنا، لاسيما أن أفضل استثماراتنا سنجدها في أبنائنا، ولنعلم أن التحدي الأكبر الذي يواجه المؤسسات حالياً، يكمن في كيفية تخزين ومعالجة وتحليل البيانات الضخمة، نظراً لزيادة نمو البيانات وتنوعها وتضخمها بشكل معقد وبسرعة كبيرة.
ولا ننسى أن خطة إدارة المستندات والبيانات، تحتاج إلى آليات واضحة للتقييم والتحليل، مع الاستناد إلى وسائل حماية مطوّرة تواكب في مضمونها مسارات تطوير الأمن والتحكم، فضلاً عن المراقبة والتدقيق ليكونا جزءاً من استراتيجيات العمل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"