وداعاً بو سعود..

03:51 صباحا
قراءة دقيقتين

جمال الدويري

بعد السابعة مساء كل يوم، كانت لنا محادثة هاتفية ممتعة، يتخلّلها نقاش ومعلومات غنية نستقيها منك، عما يدور أو ما سيدور. ورغم الإشكال الذي عانيناه لنحو أربعة أشهر، بسبب عطل فني في هاتفك، الذي كان يرفض كل مكالماتي، لكن برسالة «واتس أب»، أطلب فيها منك الاتصال، ترد على الفور.
وكنت دائماً أبادرك بسؤالي: «ليش عامل لي بلوك أبو سعود؟»، فكنت تجيب: «أنا لو أعمل لكل الناس بلوك، ما بعملك أنت، أعدك اليوم أن أسأل أحد الأبناء لحل الإشكال». لكن ولغاية يوم الخميس 8 أغسطس لم يُحل، ويبدو أنه لن يُحل أبداً.
يصعب الحديث عن قامة وقيمة بحجم حبيب الصايغ، فهو الأستاذ والصديق والزميل، و«الحبيب» الذي كان يعشق «الخليج» وأهلها وكل العاملين فيها، نهاتفه يومياً، فلا نجده إلا محباً لعمله، مقبلاً على الكتابة بشغف وحب، يعتذر عن عدم الكتابة أحياناً، إما بسبب الانشغال، أو إذا لم يرَ شيئاً يستحق الكتابة، ونجده فياضاً كلما دعت الحاجة أو أطلت الأحداث والمتابعات.
حبيب، أحببناه جميعنا، ولا أحد ممن عرفه، إلا شهد له بدماثة خلقه وحسن معشره؛ أخذ من شعره حسّ الشعراء المرهف، ومن صحافته أدب الكبار وأخلاقهم، فكان وطنياً بامتياز، جندياً مدافعاً بشراسة عن كل ذرة من تراب وطنه، عنيداً في مواقفه وحبه للإمارات وقيادتها، آراؤه لا تقبل القسمة حيال ما يمسّ سمعة بلاده.
أحيا حبيب كل موقع شغله، ففي اتحادي الكتاب العربي والإماراتي، كان بالمرصاد لكل حدث أو موقف يستدعي التعليق أو إصدار بيان حوله، نعى كل من رحلوا من كتاب وإعلاميين عرب، فنجد بياناته الصحفية فياضة في رثاء كل فقيد، وتهنئة كل ناجح. لم يترك مناسبة صغيرة أو كبيرة، إلا وكان فيها كاتباً أو معلقاً.
حبيب.. الشاعر والكاتب والأديب، نعته الإمارات كبيرها وصغيرها، وحزن على وفاته الجميع، فُجعنا برحيله المبكر، وهو في قمة عطائه وأوج تألّقه، أحببناه في حياته، وعبّر الجميع عن حبهم له بعد رحيله.
مؤمنون بقضاء الله وقدره، وسنذكرك في كل يوم وكل مناسبة وكل موقف يحتاج لأقلام الكبار وعقلانيتهم، ستبقى خالداً فينا بذكرك الطيب ومواقفك المشهودة، كم هو صعب وقاس علينا، أن نسبق ذكر اسمك بكلمة «المغفور له»، لكنه دعاء من القلب، نتمنى من العلي القدير لك الغفران والرضى.
لمثلك تعجز الكلمات عن وصف ما يختلج في النفس من حزن وحسرة على فراقك، وعلى مثلك نبكي، ونتضرّع إلى العلي القدير أن يرحمك ويُسكنك فسيح جناته، ويُلهم أهلك وذويك الصبر والسلوان.
وداعاً أبو سعود.. وداعاً أيها الصديق.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"