عادي

«الضباب» يكتب نهاية حزينة لحياة مراقب جوي

00:47 صباحا
قراءة 3 دقائق
رأس الخيمة: عدنان عكاشة

يتناقل أصدقاء وزملاء في العمل ومقربون قصة شاب مواطن يصفونه ب (ضحية الضباب)، إثر وفاته في حادث تسبب به «الضباب»، وقع في التاسع والعشرين من ديسمبر/‏ كانون الأول الماضي.
قصة الشاب الإماراتي لا تخلو من المفارقات، في ظل عمله في واحد من أكثر التخصصات ومجالات العمل ندرة على مستوى العالم، (المراقبة والملاحة الجوية)، وهو تخصص أكاديمي ومجال عمل «نادر جداً» بين المواطنين، وفق مقربين منه في المجال ذاته، بجانب ما عرف به الضحية من خلق رفيع وحسن تعامل مع الآخرين، وبر شديد بوالديه، وتعلقه بوالدته تحديداً، التي كان يتبرع عنها يومياً، لأعوام طويلة، دون علمها، قبل أن تكتشف ذلك بعد رحيله.
«ضحية الضباب» محمد سليمان المقبالي، 33 عاماً، من إمارة الشارقة، مدير المشاريع بإحدى شركات الملاحة الجوية في أبوظبي، فارق الحياة وهو في طريقه إلى عمله في أبوظبي، ضمن ضحايا «حادث الضباب»، الذي وقع في دبي مؤخراً، لتكتب نهاية حزينة لشاب أحبه كل من حوله، لأخلاقه وتميزه في الحياة والعمل، وإخلاصه لأسرته وعائلته ومجتمعه ووطنه، بجانب كرمه ومساعدته لمن حوله.
دَرَسَ «محمد المقبالي» رحمه الله، بعد أن أنهى الثانوية العامة، في المملكة المتحدة، حيث نال «دبلوم» في هندسة الطيران، ثم حصل على «رخصة» في المراقبة الجوية، بعد عودته إلى الإمارات، فيما كان يعمل خلال تلك الأعوام في القوات المسلحة.
للفقيد «8 أشقاء، 5 شباب و3 بنات»، وكان يخطط للزواج قريباً، ويعد العدة لذلك، قبل أن تخطفه يد المنية، لتغلق «باب الفرحة» المرتقبة له ولوالديه ولأشقائه وأحبائه.
حَمَل الشاب المواطن تخصصه النادر جداً في العالم، بحسب زملائه في العمل، بعد أن أنفقت عليه الدولة هو وزملاؤه الآخرون في الدراسة وفي بيئة العمل، مبالغ طائلة على دراستهم وتأهيلهم لشغل الوظيفة الحساسة، ونسبة المواطنين في هذا المجال والتخصص النادر والحساس محدودة حتى الآن، لكن القدر حال دون استكمال «المقبالي» رسالته ورحلته في العمل والحياة لمصلحة وطنه ومجتمعه، في قطاع حيوي، لا يتوقف عن النمو والتمدد، ويشهد ازدهاراً واسع النطاق في الدولة والمنطقة والعالم، هو (الطيران المدني).
يشير أصدقاء «المقبالي» إلى أنه كان نموذجاً في الأخلاق والوفاء والالتزام والإخلاص والتميز في العمل، لدرجة أنه كان، وفق تعبيرهم، «تدور له عيب، ما تحصل»، فيما كان مثالاً يحتذى في بره لوالديه، ونموذجاً في تعلقه بوالدته.
شغل بطل القصة الحزينة منصب (مراقب جوي)، ومسؤول الامتحانات، التي يخضع لها «المراقبون الجويون» الجدد في موقع عمله، وكان من المقرر ترقيته إلى (رئيس قسم) قريباً، في ظل تفوقه في دراسته وإخلاصه في عمله وتميزه، إلا أن القدر سبقه أيضاً، ولسان حال أهله وأحبته «قدر الله، وما شاء فعل».
عرف المقبالي بذكائه الحاد بين أصدقائه وزملائه وأسرته وأقاربه والمحيطين به، وشارك في دورات تدريبية تخصصية متقدمة، وحصد من المراكز الأولى في دراسته، وفي الدورات التدريبية المهنية العامة، أوالتخصصية في مجال عمله (الملاحة الجوية)، وكان يتقن اللغتين الإنجليزية والروسية بقوة ومهارة لافتتين، ومستوى عال، بحسب أصدقائه وزملائه ويتمتع بقدرة عالية في الحفظ والفهم.
عمل الشاب المواطن الراحل في مطار دبي الدولي أولاً، ثم انتقل للعمل في مطار آل مكتوم، قبل أن تفرض عليه وظيفته الجديدة في إحدى شركات الملاحة الجوية، شبه الحكومية، الانتقال للعمل في أحد مطارات أبوظبي.
بدوره، يشير سليمان المقبالي، والد الشاب الضحية، إلى درجة استثنائية في «بر الوالدين» كانت لدى ابنه، مشيراً إلى أن (محمد) كان يقف يومياً، قبل الفجر، على باب غرفته، منتظراً إياه لفترة، حتى يفتح بابها، دون أن يطرق الباب، لكي لا يزعجه، بغرض أن يراه ويطمئن عليه، ويسلم عليه، ويقبل رأسه، قبل أن يتوجه إلى عمله ومقر دوامه.
ومن المفارقات الحزينة في حكاية رحيل الشاب المقبالي، أنه حجز تذكرتين للسفر مع شقيقه عبد الله، إلى الولايات المتحدة، في مايو/‏ أيار القادم، لحضور تخرج شقيقهما الأصغر (راشد)، إلا أن عبد الله وراشد حضرا معاً جنازته، ما كان «صدمة العمر»، بحسب تعبير أشقائه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"