عادي
ماذا يريد القطاع الخاص؟

قطاع التجزئة..«مطالبات» و«متطلبات» تعزز التنافسية وترتقي بالأداء

01:45 صباحا
قراءة 7 دقائق
دبي:سامي مسالمة

يشكل قطاع التجزئة في دولة الإمارات أحد أبرز العوامل القادرة على تحفيز القطاعات الاقتصادية الأخرى؛ لكونه يعد سوقاً منافساً عالمياً، فيما ستشهد الدولة توسعاً كبيراً في إنشاء المزيد من مراكز التسوق الضخمة والمتخصصة؛ لتلبية الطلب المحلي والسياحي العالمي، إلى جانب تسجيل الإمارات أعلى معدل نمو سنوي مركب لمبيعات التجزئة في دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 5.1% خلال العام الماضي 2018، لتصل قيمتها إلى 104 مليارات دولار بحلول 2023، مقابل 73 مليار دولار في عام 2016، مدفوعاً باتساع القاعدة السكانية، وتزايد أعداد الوافدين إلى جانب استضافة معرض «إكسبو دبي الدولي 2020»، وتزايد النشاط السياحي، وارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وانتشار متاجر البيع بالتجزئة المنظمة.
سيشهد قطاع التجزئة في الإمارات والمنطقة بشكل عام تحديات خلال العامين المقبلين، وبناء على ذلك يشير خبراء أنه يجب على كافة الأطراف المؤثرة في القطاع التعاون؛ من أجل العمل على مواجهة المرحلة المقبلة بطريقة تسهم في المحافظة على سوق التجزئة في الدولة، كما أن التعاون يتوزع على مختلف جهات والمطورين؛ من خلال مراعاة أسعار التأجير، إلى جانب البنوك؛ من خلال بطاقات الائتمان، التي تتيح عروضاً مختلفة وجاذبة للمستهلكين، وصولاً إلى الجهات الحكومية؛ من خلال العمل على خفض التكاليف، الأمر الذي يسهم في جذب استثمارات من شأنها دعم الحركة الاقتصادية في الدولة.

مطالبات «الخاص»

وتتمحور مطالبات عدة للعاملين في القطاع فيما يلي: الإيجارات التي تعد باهظة بحسب البعض، إلى جانب النظر في كُلفة المعيشة، إضافة إلى نوعية التوسعات المستهدفة في القطاع، ونوعية السائح المستقطب، والذي من شأنه أن يرفع من نسبة إنفاق الزوار الأجانب على القطاع، إلى جانب استقطاب محافظ الاستثمار المحلية والأجنبية، والتي من شأنها أن تعزز ثقة المستهلكين والمستثمرين في نفس الوقت.
فقد ذكر محمد باقر نائب رئيس مجلس الإدارة، والرئيس التنفيذي في مجموعة «جلف ماركتنج»، أن أبرز تحديات المتاجر في مراكز التسوق والمناطق التجارية بدبي؛ تتمثل بأسعار الإيجارات، التي باتت باهظة جداً، مشيراً إلى أنهم يوقعون عقود إيجار طويلة الأجل معظم الوقت، وظروف السوق آخذة في التغير، ولا يولي الملاك عادة أهمية كبيرة للاستماع إلى مشاكل تجار التجزئة المتعاقدين معهم، ما يدفع هؤلاء التجار في نهاية المطاف إلى مواجهة الكثير من الصعوبات، وقد يجبرهم ذلك أحياناً على إنهاء أعمالهم، ودفع غرامات باهظة؛ للخروج من الوضع.
وأضاف: «لابد من إجراء تعديلات في السوق فيما يتعلق بأسعار الإيجارات، فمواقع المتاجر لها أهمية بالغة، وتؤثر مباشرة في ربحية المتجر، وهناك الكثير من المواقع في مراكز التسوق، التي لا تشهد حركة زوار كثيفة؛ لكن أسعار الاستئجار لمثل تلك المتاجر لا تزال متساوية مع تلك، التي تشهد أعداداً أكبر من الزوار.

كلفة المعيشة

وفيما يتعلق بكلفة المعيشة، فقد أكد باقر أن هذه الكُلفة تشكل أحد أبرز عوامل التأثير في قطاع التجزئة؛ لأنها تحدد مقدار ما يمكن أن ينفقه المستهلكون على الكماليات؛ إذ إنهم يتكبدون بالفعل الكثير من التكاليف؛ أبرزها: إيجارات الشقق، التي تحدد نظام الإنفاق بأكمله؛ وذلك ليس فقط بالنسبة للمستهلك؛ لكن بالنسبة للشركات أيضاً، على سبيل المثال، حين تقرر مجموعة «جلف ماركتنج جروب» ضم إحدى الشركات إليها، تضع كلفة الإيجار في حسبانها، أولاً وقبل أي شيء؛ لأن الإيجارات باتت باهظة جداً، وأي شركة ستقوم بزيادة أسعارها؛ لتغطية أعباء الإيجار.
وحول نوعية الاستثمار في قطاع التجزئة والتوسع المرتقب في السنوات القادمة، فلا بد من مواكبة المفهوم العصري لمراكز التسوق والتي أضحت مفهوم حياة كامل بحد ذاته، وليس مجرد مركز تسوق وحسب، كما لا بد من مواكبة التجارة الإلكترونية، والتي تعد داعماً أساسياً للقطاع، كما تشكل في ذات الوقت خطراً يهدد كل من لم يواكب تطوراتها المتسارعة، وأشار باتريك شلهوب الرئيس التنفيذي ل«مجموعة شلهوب»، إلى أن نوعية الاستثمارات اختلفت، فاليوم لدينا استثمار أكبر في القطاع التكنولوجي منه في القطاع التقليدي، فتكاليف التجارة الإلكترونية تكون أقل من التقليدي وتكاليفه، مشيراً إلى أنهم في «مجموعة شلهوب» يهتمون اليوم أكثر بالمحال الموجودة لديهم، ويعملون على تطويرها؛ لتواكب هذه التغيرات، ويقومون بإنشاء موقع إلكتروني لكل ماركة لديهم تساعد في وصول المستهلك لها بشكل أسرع.

التجارة الإلكترونية

وإلى جانب هذه المطالبات، فإن هناك متطلبات من القطاع الخاص لا بد من القيام بها ومراعاتها في أي استثمار في القطاع؛ لضمان الاستمرارية والتنافسية؛ ومن أبرزها: مواكبة التجارة الإلكترونية، التي أصبحت تضيف قيمة للشركات، التي تزاول عملياتها بالطرق التقليدية، وبذلك فإن الفرصة المتاحة الآن هي الربط بين هاتين الوحدتين، وتشغيلهما معاً؛ باعتبارهما وحدة عمل واحدة؛ ما يعزز الربحية في السوق؛ ويسهم بتوسيع نطاق الأعمال بشكل أكبر.
وأشار شلهوب إلى أن التوجه نحو التجارة الإلكترونية، أثر بشكل بسيط في المرحلة الحالية في التجارة التقليدية، فاليوم هناك جزء من المبيعات يتوجه نحو البيع الإلكتروني، ولكن لا بد من الاعتياد على ذلك، فالمستهلك لديه اليوم طريقة مختلفة للتسوق، ولمواجهة هذا التحدي؛ يجب علينا التواجد في هذا القطاع مع المحافظة على التجارة التقليدية.
وقال غاري ثاتشر، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس ل«قمة التجزئة»: «يتعين على شركات التجارة الانتباه لأهمية الاستفادة من آفاق التوسع التي تجلبها التجارة الإلكترونية؛ نظراً لما تتيحه من إمكانية الوصول إلى شرائح أوسع من المستهلكين؛ من خلال تبني نظم التسويق الرقمي للمنتجات ذات التأثير المباشر في تسريع وتيرة المبيعات، ويعد هذا التوجه إحدى أهم سمات قطاع التجزئة للمستقبل عالمياً.
كما أن التجارة الإلكترونية اليوم من شأنها أن تعزز التنافسية، وبحسب غرفة دبي فإن التجارة الإلكترونية ستنمو بنسبة 20 إلى 25% خلال الفترة من 3 إلى 5 سنوات مقبلة، مشيرة إلى أن أكبر الشركات التي نجحت في مجال التجارة الإلكترونية أُسست في دبي.

تغيرات الآليات

وإلى جانب التجارة الإلكترونية، فإن دراسات مختلفة تشير إلى أهمية إحداث تغيرات في آليات التجارة تنسجم مع متطلبات المستقبل، التي من شأنها تعزيز التنافسية، والارتقاء بأداء قطاع التجزئة، وتمكين الشركات من تحقيق مكاسب أكبر، والاستفادة من فرص التوسع عبر الإنترنت وتقنيات الاتصال؛ لاكتساب شريحة أكبر من المستهلكين
وقال فهد كاظم، نائب رئيس «ميدان مولز»: «التوجهات المتسارعة نحو تبني أنماط معززة بتقنيات التكنولوجيا في تجارة التجزئة قادرة على إحداث تغيرات وتحسين أداء المؤسسات التجارية، وعليهم الاستفادة من هذه الفرص، والسعي نحو تعزيز تجربة المستهلك، والوصول إليه بطرق مختلفة أكثر انسجاماً مع متطلباته، وتتيح اليوم حلول التكنولوجيا ذلك عبر قنواتها المتعددة من وسائل التواصل الاجتماعي التي تسهم بشكل كبير في تعزيز المكانة التنافسية للمؤسسات، وجذب المستهلكين إليها».


عادات الإنفاق في زمن الضريبة


أفرزت المتغيرات الجديدة المتعلقة بضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية تغيرات واضحة في عادات الاستهلاك؛ إذ إن الضريبة غيّرت من الشكل العام للسوق، ومن طبيعة المستهلك؛ حيث أصبح يدقق في أنماط استهلاكه، ويضع الأولويات بعيداً عن العشوائية في الشراء، وبالتالي تكون الضريبة قد أثرت بطريقة غير مباشرة في معدل إنفاق المستهلكين على قطاع التجزئة، وكان استطلاع سابق ل«الخليج» قد أشار إلى أن 68% من المستهلكين أكدوا أن «المضافة» أحدثت أثراً بشكل مبدئي في توجهاتهم الشرائية؛ حيث أصبحوا أكثر انتقاء للسلع؛ لتجنب دفع نسبة أكبر من الضريبة، إضافة إلى تأثر هدف مهم من الأهداف المالية للعائلة، وهو «الادخار»؛ بحيث لن تتمكن العائلة من الاستمرار في الادخار بالنسبة نفسها، التي كانت قبل بدء التطبيق.


الاندماج أبرز حلول استدامة القطاع


توقع حمد بوعميم مدير عام غرفة تجارة وصناعة دبي، أن يشهد قطاع التجزئة في الدولة عمليات اندماج بين الشركات العاملة في القطاع؛ لأن الاندماجات في قطاعات الأعمال مهمة؛ لاستدامة النشاط التجاري، كما تسهم بكل تأكيد في تخفيف حدة المنافسة في القطاع، متوقعاً أن يحدث تغير كبير في استخدام مراكز التسوق التجارية من قبل المستهلكين؛ إذ إن بعض المراكز المحلية بدأت تغير تعريفها من مركز تسوق إلى مراكز لتجارب المتعاملين، مؤكداً أن المراكز التجارية في دبي ما زالت تشهد طلباً لافتاً؛ إذ توسعت فكرة استخدام المركز التجاري من التسوق إلى أنشطة عدة؛ من بينها: الترفيه والرياضة وغيرهما من الأنشطة الاجتماعية.
وقال: «إن التطور الكبير في قطاع التجارة الإلكترونية يزيد المخاطر التي تواجهها تجارة التجزئة التقليدية؛ إذ إن النظر إلى تجارة التجزئة فقط بصورة تقليدية؛ يمثل خطراً عليها، وتتوقع تقارير أمريكية أن يغلق في الولايات المتحدة 12 ألف متجر خلال العام الجاري، مقارنة بنحو 6700 متجر خلال العام الماضي، وهو ما يعني زيادة بنسبة 80% خلال عام واحد، كما أن شركات كبيرة تعمل في قطاع التجزئة تأثرت بنمو التجارة الإلكترونية، بيد أن التجارة الإلكترونية وانتشار شبكة الإنترنت أوجدا علامات تجارية جديدة، وفرصاً جديدة للأعمال، أصبحت تمثل خطراً على التجارة التقليدية، في حين تمثل مستقبلاً لتجارة التجزئة بشكل عام».
وقال بوعميم: «على الرغم من ذلك لا تزال تجارة التجزئة تشهد نمواً لافتاً، خصوصاً مع زيادة توقعات المستهلكين من متاجر التجزئة، إلى جانب أن شبكة الإنترنت ترفع من شفافية قطاع التجارة، كما أن وضع تجارة التجزئة في دبي أفضل من بلدان عدة حول العالم، فالتجارة الإلكترونية تفتح نطاقاً لأسواق أكثر مما كانت عليه من قبل، في حين أن المتاجر تحاول الابتكار؛ لتقديم منتجات أفضل للمستهلكين، وهو ما يعد فرصة للشركات لدعم تنافسيتها».
وتوقع بوعميم أن يحدث تغير كبير في استخدام مراكز التسوق التجارية من قبل المستهلكين، مشيراً إلى أن بعض المراكز المحلية بدأت تغير تعريفها من مركز تسوق إلى مراكز لتجارب المتعاملين، كما أن المراكز التجارية في دبي لا تزال تشهد طلباً لافتاً؛ إذ توسعت فكرة استخدام المركز التجاري من التسوق إلى أنشطة عدة؛ من بينها: الترفيه والرياضة وغيرها من الأنشطة الاجتماعية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"