مدينة لندن ومُتعها الكثيرة (2-2)

02:35 صباحا
قراءة 3 دقائق
بقلم:عبدالغفار حسين

الإماراتيون من أكثر الناس شغفاً بهذه المدينة الفخمة. وكتبت قبل ثلاثة عشر عاماً عن لندن في إحدى حلقات «كشاكيل الملونة» في جريدة «الخليج»، واستشهدتُ بقول الدكتور جونسون: «عندما تسأم من لندن، فإنك تسأم من الحياة». قال هذا قبل ما يربو على ثلاثمئة عام مضت، ومن هذا القول نستدل على أن لندن في مجدها ورونقها ليس بسبب ما هي عليه الآن في عصرنا الحاضر من عظمة، ولكنها كانت كذلك في العصر الذي عاش فيه جونسون قبل ثلاثمئة عام، أو نحو ذلك.
ونعود إلى الخليجيين، وإلى الإماراتيين بصفة خاصة الذين يحبون هذه المدينة ويتوافدون عليها ولا يجدون تعويضاً عند أية بُقعة أخرى يزورونها للسياحة والعلاج والتعليم والترفيه. ولا أعتقد أن هناك بلداً يوفر لأهله في الخارج من الراحة والترفيه ما توفره الإمارات (أو لعلّي لم أقف على ما يفعله الآخرون) حكومة وقطاعاً خاصاً، فالحكومة أو الدولة عن طريق سفارتها التي تقع الآن في قلب لندن وفي أحد أحيائها الراقية، وهو بلجرافيا، تنبئك أول ما تصل إلى هذه المدينة، أن السفارة في الخدمة للمواطنين. وإذا طرأ لمواطن أمر، فإن عليه الاتصال الفوري بالسفارة وبالتليفونات التي تظهر أرقامها فور وصولك على شاشة تليفونك المحمول، وسرعان ما تجد بعض موظفي السفارة مرات عدة في الأسبوع قرب مقر بنك دبي الوطني المحاذي للسفارة، وفي موقعه الجديد المطل على حديقة «هايد بارك» التي لا يجد المرء مثيلاً لها في جمالها وفخامتها وتخطيطها البستني وضخامتها في أية مدينة أخرى غير لندن.
ونعرج مرة أخرى على الحديث عن بنك دبي الوطني، فرع لندن، الذي أصبح مجلساً و«ديوانية» يتجمع فيه أهل الإمارات، وجماعات مناطق خليجية أخرى. ويُعتبر مقر البنك ملتقى لأهل الإمارات، الذين يوجدون في لندن في مواسم مختلفة، خاصة الصيف في شهري يوليو وأغسطس، حيث يغُصّ مجلس البنك بالرواد والزوار يتباحثون في أمور شتى، ويشربون الشاي والقهوة التي يُعدها لهم موظف البنك ترحيباً بالزوار. ونشير إلى موظفي البنك؛ بنك دبي الوطني في لندن، فالبشاشة والترحيب الذي يلقاه الزائر لمجلس هذا البنك، وفي مكتب المدير الأستاذ «بوعارف»، عبد اللطيف الملا، والمديرين الآخرين، الأستاذ راشد ميرزا، و«بوأحمد»، غانم بن زعل، وغيرهم من المساعدين، وحسن الاستقبال والقيام بكل خدمة يستطيعون أداءها، لا وجود لمثيلها عند مؤسسة أخرى.
وفي رأيي أن الدولة عليها أن تُجيز وتُثيب موظفي هذا البنك بما يستحقونه من تكريم معنوي، تشجيعاً لهم على هذه الخدمات الرائعة التي يؤدونها للناس، ووضع البنك في مرتبة لا تقل عن أية مؤسسة تخدم الدولة وتُبرِز سمعتها الحسنة.
وما دمنا نتحدث عما يطيب للإماراتيين من متع في مدينة لندن، فإننا لا نكون قد أكملنا حديثنا إذا لم نذكر مجلس الأستاذ «بوراشد»، سيف حمرعين، الواقع على مقربة من «بورثمان سكوير» في شارع «بيكر ستريت»، هذا المجلس الذي يرتاده الإماراتيون وغيرهم من أولئك الذين يعرفون «بوراشد»، وبشاشته واستقباله الحافل للزائرين وإقامة مآدب يومية في وقت الظهر والغداء، مما أضاف إلى متعة الزيارة للندن متعة أخرى.
قد لا يجد المرء موضعاً مثيلاً للندن في أماكن أخرى، بسبب وجود هذه المؤسسات وهذه الشخصيات التي ذكرناها، كالسفارة وبنك دبي الوطني، ومنزل الأستاذ الوجيه «بوراشد»، سيف حمرعين العامر.
ولا ننسى ونحن نختتم هذا الحديث، أن نأتي على ذكر أسواق لندن، وما فيها من البهجة التي تشد الزائر، وتجعله يشاهد متعاً قلّما يجدها في غير هذه المدينة الصاخبة، ولعل مدينة دبي التي يُطلق عليها لندن الصغرى، قد تقول بزهوٍ: ها أنا ذا.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"