أبطال مزيّفون

03:28 صباحا
قراءة دقيقتين
أبوظبي:آية الديب

اعتاد منذ صغره على مشاهدة الأفلام الكرتونية لساعات طويلة، وعندما انتقل من مرحلة الطفولة إلى المراهقة ثم الشباب ظلت الأفلام والمواد التلفزيونية تحظى باهتمامه وتشغل أغلب وقته، لكنه اتجه إلى أفلام الرعب والإثارة التي كانت تجذبه وتخطف انتباهه.
والداه كانا منغمسين في عملهما ولم يكن لديهما وقت يقضيانه مع ابنهما سوى دقائق قليلة تجمعهم على مائدة الطعام، وآخر ما كانا يتوقعانه هو أن تؤدي مشاهدة ابنهما لأفلام سينمائية إلى ارتكابه جريمة تقيد في ملفات القضاء جناية، ويحبس على إثرها في المؤسسات العقابية ويحرمان من رؤيته لفترات.
قضى ابنهما وقتاً طويلاً عبر مشاهدته الأفلام في إفراغ محتوى سلبي في نفسه وليس في التنفيس كما كانا يظنان، وعندما واجهته مشكلة لم يفكر في الاستعانة بوالديه؛ بل عاد ليتذكر كيف يواجه أبطال حياته المزيّفون مشاكلهم، ولم يستغرق الأمر منه سوى بضع دقائق، وعلى الفور اتصل بأصدقائه ليخبرهم بأنه في حاجة إلى مساعدتهم، وحينما اجتمع معهم وأخبرهم بما يريد بشأن تنفيذ اعتداء على أحد جيرانه لجلب أموال منه، لم يكن الأمر مفاجئاً لهم، فهم أيضاً يحتاجون إلى المال، وطالما حلموا بالقيام بمهمة تبرز قدراتهم البدنية والإبداعية، وحينما بدؤوا التفكير في كيفية تحصيل المال من الجار، استوقف الابن أصدقاءه وأخبرهم بأنه وضع الخطة بالفعل، وكل المطلوب منهم هو قيام كل منهم بدروه فيها.
وفي يوم الواقعة ارتدى الجميع ملابس رجال الأمن وفي المساء استوقفوا الجار في الشارع مدعين انتماءهم للشرطة، وطلبوا منه تمكينهم من المبالغ المالية التي يمتلكها، فرفض وبدأ الصراخ مستغيثاً بآخرين فانهالوا عليه ضرباً حتى سقط أرضاً وعجز عن الحركة، وهنا تمكنوا بسهولة من سرقته وتركوه ملقى على الأرض، وذهبوا ليقسموا المال المسروق وكل منهم يفكر في طريقه ما الذي كان يؤجله من احتياجات وكماليات حتى يجلبه لنفسه، فالآن لديهم أموال تمكنهم من ذلك، وفي هذه الأثناء عثر أحد المارة على الجار المجني عليه ملقى على الأرض وعلى الفور اتصل بالشرطة والإسعاف.
قبض رجال الشرطة على الشاب وأصدقائه المشتركين معه، وأسندت لهم النيابة العامة تهم انتحال وظيفة أفراد الشرطة للتمكن من سرقة المبالغ النقدية المملوكة للمجني عليه عن طريق الإكراه، بأن اعتدوا عليه بالضرب للحصول على المال وأحدثوا في جسده إصابات أعجزته عن قيامه بأعماله الشخصية فترة تصل إلى 20 يوماً.
وقضت محكمة أول درجة حضورياً بحبس الشاب ستة أشهر تعزيراً، وأمرت بإبعاده عن البلاد بعد تنفيذ العقوبة، فاستأنف الحكم وأيدت محكمة الاستئناف الحكم فطعن عليه بطريق النقض متمسكاً بسماع شهود النفي، مشيراً إلى أن المجني عليه ادعى أن أربعة أشخاص مجهولين تعدوا عليه ليلاً في الشارع وسرقوا ماله على الرغم من أنه يعرفه معرفة تامة، وهو جاره وبينهما صداقة وطلب استدعاءه لمناقشته.
من جهتها أكدت المحكمة الاتحادية العليا أن دفاع المتهم قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، ونقضت الحكم وأحالت القضية إلى محكمة الاستئناف لنظرها مجدداً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"