مشاريع التخرج.. إبداع وتجديد في زمن «كورونا»

طلاب الإعلام في جامعة عجمان يواجهون التحديات بالتفاؤل والإيجابية
03:28 صباحا
قراءة 5 دقائق
تحقيق: مها عادل

على الرغم من جائحة فيروس «كورونا» المستجد، تستمر الحياة ويتدفق الأمل، وتظل عيون الشباب حاضنة لشمس المستقبل وطموحه، وتبقى أياديهم قابضة على روح الإصرار والتحدي، وممتدة عالياً؛ لقهر أي صعوبة أو إحباط قد يعيق أحلامهم، فعلى الرغم من أن الفيروس غيّر ملامح الحياة من حولنا، فإن طلاب الجامعة الذين يعيشون مرحلة التخرج الفارقة في حياتهم، واجهوا التحدي الأكبر؛ لأن الوباء ترك بصمته على اللحظة الأهم بمشوارهم التي عملوا من أجلها سنوات طويلة حتى يصلوا إليها.
«دفعة 2020» من طلاب الجامعات لم يستسلموا لتحديات الظروف الاستثنائية التي فرضها عليهم الفيروس، الدراسة والامتحانات عن بُعد، مراسم حفل التخرج افتراضية تخلو من أهم مظاهر البهجة والصور التذكارية الجماعية مع زملاء الدفعة. وألقت الجائحة بظلالها على مشروعات تخرج طلاب قسم الإذاعة والتلفزيون بكلية الإعلام بجامعة عجمان الذين واجهوا تحديات تنفيذ وتصويرمشاريعهم الفنية في ظل التباعد الاجتماعي، وأوقات التعقيم الوطني وحتمية اعتمادهم على إمكاناتهم وأدواتهم الشخصية، بعيداً عن استوديو الكلية واستعداداته العالية في التصوير والمونتاج والمكساج، وبكثير من التحدي والابتكار والقدرة على تذليل الصعاب؛ نجح هؤلاء الطلاب في تقديم مشروعات التخرج وعرضها إلكترونياً في احتفال افتراضي بحضور أساتذتهم وأسرهم، وتنوعت آليات تعبير الطلاب عن زمن «كورونا» بأعمالهم التي تأرجحت بين الساخرة والكوميدية والدرامية والغنائية. وكانت تأثيرات «كورونا» هي القاسم المشترك في كثير من المشروعات، التي سنتعرف إلى مجموعة منها في السطور التالية.
يطلعنا الطالب محمد حسن على فكرة مشروع التخرج الخاص به ويقول: مشروعي عبارة عن مسلسل إذاعي كوميدي ساخر بعنوان: «خريج في زمن كورونا» مدته 3 دقائق، وتعبر فكرته عن مستقبل دفعتنا؛ حيث إننا على وشك التخرج؛ ولكن وبسبب الإجراءات الاحترازية فلن يكون باستطاعتنا تنظيم حفل للتخرج، وإنما ستكون مراسم تخرجنا «أون لاين»، حرصاً على التباعد الاجتماعي وهي تجربة لم نمر بها من قبل؛ لذلك فقد تخيلت كيف سيكون الوضع عند التخرج عن بُعد بأسلوب ساخر.
وعن مراحل العمل في هذا المشروع، يضيف: كتابة السيناريو والتسجيل والمكساج؛ حيث استغرق نحو أسبوع بمعاونة اثنين من زملائي هما، نور دحروج، وحازم يوسف، ويروي المسلسل جانباً من تجاربنا اليومية مع الدراسة عن بُعد؛ إذ نمر بكثير من المواقف الغريبة التي تكون ضاحكة أحياناً ومحرجة أحياناً، خاصة عندما يفاجئنا بعض أولياء الأمور ويقاطعون المحاضرة؛ لإلقاء التحية على الأساتذة مثلاً أو سؤالهم عن مدى تجاوب أبنائهم.
وجسدت في المسلسل مفارقات تخيلية كوميدية عن حضور مراسم التخرج من البيت افتراضياً ودعوة الأهل والأصدقاء للاحتفال عن بُعد، ويتخلل الأحداث مواقف كوميدية مثل أن تحاول والدتي تصويري خلال حفل تخرجي وأمنعها حتى لا يظهر أنني أرتدي بنطال البيجاما في أسفل الصورة.
وعن التحديات التي واجهها يوضح: بسبب ظروف التسجيل من البيت وعدم قدرتنا على الاستعانة بالإمكانات العالية لتقنيات الصوت بالاستوديو بالجامعة اجتهدت ليكون المستوى الفني جيداً في التسجيلات الصوتية عبر استخدام الهاتف المحمول الذي اعتمدنا عليه في عمليات التسجيل والميكساج، وقمت بتحميل برامج لتنقية الصوت ومزج أصوات الممثلين من دون تشويش وبجودة كاملة.


ملامح الحياة


يحدثنا جعفر سالم عن مشروع تخرجه وهو فيلم قصير بعنوان: «ذكريات كورونية» ويقول: تقوم الفكرة على تناول ملامح الحياة والسلوكات في زمن «كورونا»؛ وذلك عبر مشاهد تمثيلية يقدمها مجموعة من 4 شباب يجلسون معاً في المستقبل، بعد انتهاء جائحة «كورونا» بسنوات، وفجأة «يعطس» أحدهم فينتابهم القلق للحظة ثم يتذكرون أن الجائحة انتهت بالفعل فيضحكون ويبدأ كل واحد منهم في تذكر بعض المواقف التي مر بها في زمن «كورونا»؛ حيث كان أحدهم يحرص على شراء مستلزمات البيت للخروج من المنزل، والآخر يتذكر كيف كان يتأنق ويتعطر ليذهب في الرحلة الوحيدة التي يقوم بها خارج المنزل وهي إلقاء القمامة وكل هذه المواقف يتم تمثيلها في جو من الكوميديا الساخرة وتقدم حالة من التفاؤل بأن الأزمة ستمر حتماً وستصبح ذكرى ومثاراً للضحك يوماً ما. وكان الهدف من اختيار فكرة «كورونا» هو أنه الأكثر تأثيراً، وأنه حديث الساعة، ويقول: شاركني بالعمل زملائي علي النعمان الذي أسهم معي في كتابة الفكرة والتمثيل، وعمر أسامة والذي شارك بالتصوير والتمثيل، بينما قمت أيضاً بالمونتاج والإخراج ونجحنا في إنجاز العمل وتنفيذ المشروع في ظل إجراءات التباعد الاجتماعي وعدم القدرة على التصوير الخارجي، ولم نكن قادرين على استخراج التصاريح فلجأنا للتصوير الداخلي فقط، وقمنا بحجز غرفتين بفندق؛ لإتمام تصوير المشاهد والتصوير بكاميرا واحدة ووحدة إضاءة واحدة، ولكن ذلك لم يكن عائقاً؛ بل حفزنا على ابتكار وسائل بديلة؛ لاستكمال الأدوات المطلوبة، وأتوجه بالشكر للدكتورة صفا عثمان المشرفة على المشروع؛ لدعمها المستمر لنا.
أما الطالبة زينة محمود فتتحدث عن فكرة مشروعها وهو فيلم قصير حمل عنوان: «الحجر الصحي» وتقول: اخترت فكرة مشروع التخرج من تجربة حياتية يمر بها الناس في جميع أنحاء الأرض وحرصت من خلال المشاهد الدرامية بالفيلم على تقديم أفكار وسبل مختلفة لكيفية استغلال البقاء في المنزل لفترات طويلة في أشياء مفيدة، ونشر التوعية بضرورة التمسك بروح التفاؤل والإيجابية والالتزام بالطعام الصحي وممارسة الرياضة والتمسك بالإيمان.
وعن الصعوبات التي نجحت في تخطيها تضيف: بسبب التصوير داخل المنزل وهو مكان محدود واجهتني مشكلة توفير مشاهد متنوعة تتميز بالإبداع وكانت فكرة استخدام الكاميرا المثبتة على الرأس هي الحل الأمثل بالنسبة لي، خاصة أنني واجهت صعوبة في الاستعانة بزملائي في التصوير؛ بسبب التباعد الاجتماعي.


دعم وتفاؤل


يشاركنا محمد سلام فكرة مشروع تخرجه ويقول: يحمل رسالة إصرار ودعم وتفاؤل، وعدم الاستسلام للظروف الاستثنائية التي واجهناها في وقت تخرجنا؛ بسبب «كورونا»، ولهذا نفذت أغنية «راب» عن الجائحة ولكن من منظور طلاب الجامعة؛ حيث تعبر عن معاناتهم وجهودهم في متابعة دروسهم
وتنفيذ مشاريعهم وأن هذه الجهود لن تضيع، وفرضت ظروف انتشار «كورونا» نفسها على أفكارنا ومشاريعنا وإبداعاتنا، ولهذا حاولت طرح أفكار إيجابية تدعو زملائي للاستمرار والاجتهاد بالدراسة، وتنفيذ المشاريع على الرغم من التحديات، ويضيف: العمل جاء بمشاركة من اثنين من زملائي هما محمد عمار ومهند ناجي واتفقنا على تنفيذ الفيديو بخاصية التصوير من دون قطع واستخدام ديكور بسيط، وواجهنا صعوبة في توفير مكان للتصوير؛ لذا قمنا بحجز فندق للتصوير بمكان مغلق، واستخدمنا كمامات وقفازات وحافظنا على التباعد الاجتماعي بشكل صارم.
ويضيف: استفدت كثيراً من نجاحي بتنفيذ هذا المشروع؛ لأني استطعت اجتياز العديد من الصعوبات والتحديات وقمت بالغناء والتصوير والمونتاج والماكساج، وزادت ثقتي بنفسي وقدراتي، ولا أنسى الدعم النفسي الذي قدمته لي شقيقتي في البيت وتشجيع أساتذتي بالجامعة.


اكتساب مهارات


يعلق د. حسام سلامة عميد كلية الإعلام في جامعة عجمان على مشروعات الطلاب التي أنجزوها تحت ظروف الجائحة ويقول: «كورونا» صنع بيئة تشاركية بين الطالب والأسرة، فمشروعات تخرج طلبة الإذاعة والتلفزيون تحمل طابعاً خاصاً؛ لأنها تتم في ظروف جديدة تماماً، وهي جائحة «كورونا» التي ألقت بظلالها على عملية التعليم والتعلم، غير أن هذه التحديات تتضاعف عندما يتعلق الأمر باكتساب مهارات عملية خاصة بالتصوير أو المونتاج أو الكتابة، وكذلك عملية الإنتاج وتنفيذ الأفكار على أرض الواقع، فضلاً عن التحديات المتعلقة بتوفير التقنية لهذه الأعمال التي كان يستعيرها الطالب من استوديو الكلية في السابق، ولم يتمكن هذه المرة من ذلك».
ويضيف: «تميزت مشروعات التخرج هذه المرة بأنها عمل طلابي خالص بعيداً عن التدخل للمساعدة، خاصة في اللمسات الأخيرة لفنيين الأستوديو، كما أن الإشراف والمتابعة من د. صفا عثمان أستاذة المساق تم عن بعد، وبصفة دائمة وفي أوقات مختلفة، وهناك علامتان فارقتان هما أن الأسرة باتت جزءاً أصيلاً من خلال المشاركة في التصوير أو القيام بأدوار مختلفة؛ مما صنع بيئة تشاركية جديدة بينها وبين الطالب، وهو وجه مشرق سببته هذه الجائحة. والأمر الآخر هو تطويع الطالب للأدوات المتاحة لإنتاج وتنفيذ العمل مثل الهاتف المحمول».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"