مشاريع على قيد الحياة

03:42 صباحا
قراءة دقيقتين
جمال الدويري

بما أننا اقتربنا من السيطرة على «كورونا»، وكل المؤشرات تقول ذلك، وبدأت الغمّة بالانقشاع، مع الفتح التدريجي لأكثر من قطاع في الدولة، وأبرزها مراكز التسوق والحدائق والشواطئ، وبدء حركة الترانزيت في المطارات، وفي انتظار التحليق مجدداً، حتى لو بكمامة، وإجراءات جديدة، وتعقيم، لأن للسفر لذته وجماله، ففيه الحياة والمتعة ولقاء الأحبة.

بما أننا اقتربنا من ذلك كله، والأغلبية العظمى تجمع على أن ما قبل «كورونا» ليس كما بعده، فلماذا لا تكون «حادثة» هذا الوباء «جردة حساب»، أو نقطة تحول لحياتنا، بحيث يصار إلى جلسات «عصف» ونقاشات، لكل ما مرت به قطاعات الدولة كافة؟ وإلى أين نريدها في السنوات القادمة؟ ليصار إلى تحديث خطط الحكومة للعقود المقبلة، لتكون قطاعاتها أكثر تماسكاً وقوة في وجه أي تحديات.

الأمور القابلة للنقاش، تحت هذا البند، أكثر من أن تُحصى، ولكن من الأهمية بمكان أن يصار إلى نقاش ما يمسّ الناس بشكل مباشر، وما يؤثر في حياتهم باستمرار، وما يهمنا هنا، مسألة التضخم المبالغ فيها في بعض القطاعات، وأهمها إيجارات البيوت والعقارات التي حالت بشكل كبير، دون نجاح الكثير من المواطنين ورواد الأعمال، وحولتهم من مستثمرين واعدين إلى أصحاب مشاريع مهددة بالفشل بين عشية وضحاها، لأن أغلبهم بالكاد يحقق أجرة محله في آخر الشهر، ليدفعها إلى المؤجر.

حجم المشاريع المعروضة للبيع، ومنها المطاعم على وجه التحديد، يكشف وجه العيب الذي يعانيه أصحاب هذه المشاريع، لأن أغلبهم يؤكد أن أكثر من 60 % من بيعه اليومي يذهب إلى المؤجر، وما تبقى، أجرة للعاملين والرخص التجارية والتنقلات، وغيرها الكثير من المصاريف التي ليس لها نهاية، ليصل هذا المستثمر في نهاية الشهر بشقّ الأنفس حاملاً ما جناه إلى هذه الجهات، بشكل جعل منه مستثمراً هشاً قابلاً للسقوط أمام أي كبوة.

الأمر نفسه انسحب قبل سنوات على العقارات، حين بلغت إيجاراتها أرقاماً خيالية، فأصبح رب البيت يكدّ بالليل والنهار، حتى يؤمّن إيجار بيته، فضلاً عن الرسوم المدرسية التي ما زالت حتى اللحظة في تصاعد مستمر، حتى أصبح طالب الابتدائي يكلف أو يزيد على طالب الطب في أوروبا.

معضلة الإيجازات المبالغ فيها، انعكست على قطاعات الحياة بأكملها، فأضرت أكثر ما نفعت، وهنا يجب إعادة دراسة هذا الملف بتمعّن ومراعاة مصلحة صاحب العقار، والمستأجر في آن، لأن حجم الأعباء التي يتكبدها الأخير، ليبقى مشروعه على قيد الحياة، أكثر من طاقته، والأمر برمّته ينعكس على المستهلك الذي هو ضحية أخرى بكل تأكيد، وبات يفضل العلاج أو التعلم في الخارج، أكثر من الإمارات، هرباً من الكلفة الشاقة.

المبالغة في الإيجارات حولت مشاريع الكثير إلى استثمارات هشّة أمام أول عاصفة، وهذا الملف دراسته أصبحت واجبة أفضل من أن تزيد تداعياتها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"