القتل والهدم.. خطة الاحتلال في «الضم»

02:28 صباحا
قراءة 4 دقائق
حلمي موسى

في الوقت الذي تستعد فيه الأوساط «الإسرائيلية» لفرض قانون الضم على أجزاء من الضفة الغربية تنفيذاً لما يناسبها من «صفقة القرن» الأمريكية، تحاول قمع الفلسطينيين وكسر شوكتهم بأساليب متنوعة.
يتركز الجهد «الإسرائيلي» في هذه الآونة على القدس المحتلة ومناطق الأغوار، لإظهار أن ضم القدس يمر بهدوء وأن لا داعي للمقاومة في الأغوار ومحيط الكتل الاستيطانية. وعبرت الجهود الصهيونية الجارية عن كراهية متوقدة للعرب والفلسطينيين بوصف هذه الكراهية عنوان وجود «إسرائيل» على أرض فلسطين.
وفي الأيام الأخيرة وبعد جريمة قتل المريض الفلسطيني إياد الحلاق بدم بارد على أيدي رجال الشرطة الصهيونية، بدأت حملة تركيع جديدة باقتحام منزل خطيب الأقصى الشيخ عكرمة صبري في حي الصوانة في القدس وتنفيذ اعتقالات للموجودين فيه. وكانت جهات وطنية قد تداعت للاجتماع في بيت الشيخ عكرمة للتضامن مع الشيخ الذي تمنعه سلطات الاحتلال من دخول المسجد الأقصى بموجب أوامر تعسفية. واعتبرت هذا التضامن تجمهراً غير مشروع لخدمة «المنظمات الإرهابية التابعة للسلطة الفلسطينية».
ومعروف أن سلطات الاحتلال تعاقب الشيخ عكرمة على مواقفه بشأن التصدي للمشاريع الصهيونية الرامية لتقاسم الحرم القدسي وتتهمه بالتحريض.
وتستغل قوات الاحتلال أزمة كورونا لشن حملات اعتقال واسعة في القدس ومحيطها وباقي أرجاء الضفة الغربية المحتلة وبهدف واضح وهو التأكيد للجميع أنها «السيد في المكان» وأن وجود السلطة الفلسطينية أو عدمه لا يغير من هذا الواقع شيئاً. وعدا عن الملاحقات بتهم المقاومة، تحاول سلطات الاحتلال هدم البيوت في مناطق القدس الكبرى بذريعة إقامتها من دون الحصول على الأذون منها وليس من السلطة الفلسطينية.


هدم المنازل


ورصد مركز معلومات وادي حلوة في القدس إجبار الاحتلال لأصحاب 10 منشآت سكنية على هدمها بأيديهم منذ السابع والعشرين من الشهر الماضي في جبل المكبر وسلوان لعدم التعرض لغرامات باهظة بعشرات ألوف الدولارات.
وفي الأسبوع الأخير سلمت بلدية الاحتلال نحو 27 عائلة 27 قرار هدم بيوت في جبل المكبر، تستهدف منشآت تجارية وأخرى سكنية. وكان الاحتلال قد هدم منذ بداية عام 2019 وحتى 2020 أكثر من 80 منزلاً ومنشأة تجارية وأسواراً استنادية في جبل المكبر وحدها. وصعدت هذه السياسة في باقي أحياء القدس وخصوصاً في سلوان، لإجبار سكانها على الرحيل ولتفريغ المدينة من المقدسيين، بهدف تنفيذ مخططاتها التهويدية والاستيطانية فيها.


طرد المزارعين وإحراق الأرض


وواصلت قوات الاحتلال عمليات طرد المزارعين الفلسطينيين من الأغوار بذريعة أنهم موجودون قرب مناطق تدريبات عسكرية. وأشارت جهات حقوقية فلسطينية إلى أن التدريبات العسكرية «الإسرائيلية» في منطقة الأغوار تسببت في احتراق مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية والرعوية. ونقلت هذه الجهات عن مصادر محلية قولها إن تدريبات الاحتلال أدت مؤخراً إلى احتراق ما يزيد على تسعة آلاف دونم من الأراضي المزروعة بمحاصيل القمح والشعير في الأغوار. وواضح لكل ذي عينين أن هدف الاحتلال من إنشاء ميادين التدريب العسكرية في تلك المنطقة، هو إجبار أهلها على تركها تمهيداً لتسليمها للمستوطنين.
ومعروف أن خطة الضم «الإسرائيلية» للأغوار تقضي بالاستيلاء على حوالي 50 ألف دونم من الأراضي المملوكة لسكان الأغوار فضلاً عن الأراضي الأميرية على الحدود لتضاف إلى 400 ألف دونم يسيطر عليها الاحتلال حالياً بذريعة أنها مناطق عسكرية. ويحظر الاحتلال على الفلسطينيين ممارسة أي نشاط زراعي أو عمراني أو رعوي في المناطق التي يصنفها مناطق عسكرية مغلقة.
ولم تقصر سلطات الاحتلال جهودها التدميرية على محيط القدس، بل تخطته إلى باقي مناطق الضفة الغربية وخصوصاً في المناطق المستهدفة استيطانياً وخصوصاً الأغوار والخليل. ونشرت صحيفة «هآرتس» أن الإدارة المدنية «الإسرائيلية» هدمت في يوم واحد بيوت 65 فلسطينياً 30 منها في أريحا والباقي جنوب الخليل. وقد شردت عمليات الهدم هذه عشرات الفلسطينيين وجعلتهم من دون مأوى.


عربدة وقطع أشجار


وإذا كانت سلطات الاحتلال تمارس عمليات العربدة هذه باسم قوانين هي وضعتها لصالح مشروعها فإن أداتها الاستيطانية على الأرض تكمل مشروع العربدة هذا باقتحام القرى وتخريب البيوت والأملاك وحرق الأشجار وقطعها. ونشرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) مثلاً عن قيام المستوطنين في يوم واحد باقتلاع 36 شجرة زيتون معمرة في قرية بورين جنوب نابلس. وعدا ذلك جرت محاولات منهم لإحراق أراضٍ مزروعة بالقمح قام الفلسطينيون بإفشالها وإطفاء الحريق.
وقد انفجرت مواجهات عنيفة ضد قوات الاحتلال عند محاولتها اقتحام مدينة جنين ومخيمها بقصد اعتقال نشطاء وطنيين. كما انفجرت مواجهات في العديد من القرى المحيطة برام الله، جراء سعي الاحتلال لبسط هيمنته الأمنية عليها واعتقال النشطاء فيها.
وجاء إحياء ذكرى نكسة يونيو/‏ حزيران والذي تم بتنظيم مسيرات متفرقة بسبب جائحة كورونا. وقد اعتدت قوات الاحتلال بشدة على هذه المسيرات وقمعها ما أوقع العشرات الإصابات في صفوف المشاركين. وترافق إحياء ذكرى النكسة هذه المرة مع رفض الفلسطينيين لصفقة القرن ولتصعيد التنكيل والاعتداءات الصهيونية. وفي نظر الفلسطينيين فإن المشاركة في مواجهة الاحتلال تعني استمرار تأكيدهم التمسك بأرضهم ورفض قرارات الاحتلال والتشجيع الأمريكي.


بانتظار الحوار


في كل حال وفيما يركز الاحتلال على استغلال الظروف ويشدد على التوافق مع الإدارة الأمريكية، بشأن خطوات الضم وقمع المقاومة الفلسطينية لها تتلكأ المحاولات الفلسطينية الداخلية لتنظيم الصفوف. ويحذر كثيرون من أن العاطفة الفلسطينية الجياشة والاستعداد العالي للتضحية ليس بديلاً عن حوار وطني جدّي للاتفاق على برنامج تصدي للمخططات الصهيونية وتوحيد الجهود أمامها. وينتظر الفلسطينيون من فصائلهم القفز عن الخلافات والاتحاد في مواجهة العدو الذي يتغذى على انقساماتنا ويشجع على تعميقها.
إن استسهال الضغط الصهيوني على الزناد وقتل الفلسطيني لم يردع الفلسطيني يوماً ولم يمنعه من مواصلة مقاومته. ولكن لتعزيز هذه المقاومة وجعلها أكثر جدوى تتعاظم الحاجة إلى توحيد الصف والاتفاق على برنامج مواجهة واضح.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"