قراءات

03:05 صباحا
قراءة دقيقة واحدة
إعداد: محمد صالح القرق

كان والي البصرة بلال بن أبي بردة من أبرز من اتصل بهم التابعي الجليل محمد بن واسع الأزدي، وكانت له مع هذا الوالي مواقف مشهورة، وأخبار مروية مأثورة، من ذلك أنه دخل عليه ذات يوم، وهو لابس مِدْرَعَةً خشنة من الصوف (المدرعة: جبة مشقوقة المقدم)، فقال له بلال: ما يدعوك إلى لبس هذا الكساء الخشن يا أبا عبدالله؟! فتشاغل عنه الشيخ، ولم يجبه، فنظر إليه وقال: ما لك لا تُجيبُني يا أبا عبدالله؟! فقال: أكره أن أقول زهداً، فأزكيَ نفسي، وأكره أن أقول فقراً، فأشكو ربي، وأنا لا أريد هذا ولا ذاك.
دعي محمد بن واسع الأزدي لتولي منصب القضاء أكثر من مرة فأبى ذلك أشدّ الإباء، وعرَّض نفسه بسبب إبائه للإيذاء، ومن ذلك أن محمد بن المنذر صاحب شرطة «البصرة» دعاه إليه وقال: إن أمير «العراق» طلب مني أن أدعوك لتولي القضاء، فقال: اعفوني من ذلك عافاكم الله، فعاوده مثنى وثلاث، فأصرّ على إبائه، فقال له: والله لتتولين القضاء، أو لأجلدنك ثلاثمئة جلدة، ولأُعَذِّرَنَّكَ (أي: أفضحنك وأشهّرن بك) فقال له: إن تفعل فإنك مسلط (أي: مطلق اليد) وإن مُعَذَّبَ الدنيا خير من مُعَذَّبِ الآخرة، فخجل منه، وصرفه بالحسنى.

من كتاب «صور من حياة التابعين» للدكتور عبدالرحمن رأفت الباشا

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"