الأدب الكوروني

03:33 صباحا
قراءة دقيقتين
يوسف أبو لوز

أعاد وباء «كورونا» إلى الواجهة الثقافية العربية والعالمية عدداً من الأعمال الروائية ذات المحور الوبائي الكارثي عبر التاريخ.. من الكوليرا، مروراً بالطاعون، وليس انتهاء بالجدري وغير ذلك من أوبئة فتكت بالبشرية أكثر مما فتكت بها الحروب والجوع وكوارث الطبيعة من زلازل وبراكين، وهذه الحزمة من الكوارث كانت هي الأخرى موضوعات تراجيدية للكثير من الأعمال الروائية والشعرية الملحمية.
في الوقت نفسه، وخلال مئة يوم من العزلة والحَجْر والتباعد الجسدي «..لا التباعد الاجتماعي» ظهر أدب جديد أو كتابات جديدة تقع بالضرورة تحت عنوان يفرض نفسه هو «الأدب الكوروني» أو «الكتابة الكورونية».
أصدر الشاعر والفنان التشكيلي محمد العامري كتاباً بعنوان «أحلم برصيف» يتضمن تأملاته في يوميات الوباء الذي جعل البيت الملاذَ الأخير لكل من هو رصيفي أو حيّ في الهواء الطلق، أما الناقد الأدبي والأكاديمي د. غسان عبدالخالق فتناول تداعيات ويوميات الوباء من زاوية ثقافية، والشاعرة الأردنية أمينة العدوان أصدرت مجموعة شعرية محورها «كورونا».
وصدرت عن الأكاديمية البابوية للحياة مذكرة بعنوان «الجائحة والأخوّة الإنسانية»، وفي عرضه لهذا الكتاب كتب الباحث والمفكر المصري إميل أمين.. «..لم يكن البابا فرنسيس، رجل الأخوّة الإنسانية، بعيداً بحال من الأحوال عن المذكرة الفاتيكانية الأخيرة، فكلماتها وروحها منبثقة بكل تأكيد وتحديد من وثيقة الأخوة الإنسانية..».. الوثيقة التي جرى توقيعها في العام 2019 في الإمارات وبرعاية من الدولة بين البابا وشيخ الأزهر.
نشر الروائي والقاصّ الكويتي طالب الرفاعي قصة قصيرة محورها «كورونا»، كما كتب الروائي السعودي عبده خال نصّاً آخر محوره الوباء وتداعياته، ومن أوائل من سارعوا إلى كتابة شعر «كوروني» كان الشاعر راشد عيسى.
هذه الكتابات، هي، كما يقولون غيض من فيض أدبي له أكثر من جنس:.. الخاطرة، والقصة، والشعر، والتأملات، واليوميات.. وكلها تمهّد موضوعياً لروايات عربية قادمة.
«الأدب الكوروني» ليس علامة ثقافية عربية فقط، بل، وفي العالم أيضاً.. في أوروبا وأمريكا والصين وألمانيا ظهرت كتابات من هذا النوع، ومن المتوقع أن يظهر كتّاب «كورونا» جدد في الدول التي سجّلت إصابات فادحة مثل إيطاليا وإسبانيا.
«كورونا» أنتجت فنونها أيضاً سواء في الموسيقى أو الغناء أو الرسم. هذه الفضاءات الفنية لم تكن في أماكن مفتوحة أو في الهواء الطلق، بل كانت تولد ببساطة وتلقائية في البيوت، وفي الشرفات، حيث يتراسل البشر عبر الفن، أو الصواب أن البشر كانوا يواسون بعضهم بهذه اليوميات العابرة، والتي بحكم التراكم، وبحكم قاسمها الإنساني، تتحول، بالتالي، إلى فن جمعي عالمي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"