هل يهمل ترامب صفقته؟

02:56 صباحا
قراءة 3 دقائق
حافظ البرغوثي

قد يتجه نتنياهو إلى فض الشراكة الحكومية مع الجنرال جانتس بسبب الخلافات حول وسائل الضم، ويتجه إلى انتخابات رابعة يحصل فيها على الأكثرية في «الكنيست»

بات مصير قضية الضم التي تمسك بها بنيامين نتنياهو على مدى سنة، وخلال ثلاث جولات انتخابية متتالية، في مهب الريح، وقد تعصف الرياح «بصفقة القرن» التي يستند إليها في برنامجه الحكومي، والسبب هو الخلافات الحادة بين الشريكين في الحكومة، وهما الليكود ومعه اليمين المتطرف، وحزب «أزرق أبيض» بزعامة الجنرال جانتس. ولم تفلح جهود خلال اجتماعين عقدا بداية الأسبوع الحالي، شارك فيهما نتنياهو، وجانتس، وأشكنازي، ورئيس «الكنيست» ياريف ليفين، بحضور السفير الأمريكي ديفيد فريدمان، الذي يؤيد موقف نتنياهو.

والخلاف يتعلق بمساحة المناطق التي سيتم ضمها، والجدول الزمني لتنفيذ المخطط، وكذلك حول ترتيب الخطوات التي ستنفذ. وفيما طلب نتنياهو دفع ترسيم خريطة للمناطق التي سيتم ضمها، طالب جانتس بأن يتم أولاً التوصل إلى تفاهمات حول الضم مع دول عربية، خاصة مصر، والأردن.

وكان «الإسرائيليون» روجوا في الآونة الأخيرة أنهم تلقوا موافقة عربية على مشروع الضم، وأن دولاً عربية أبلغت الفلسطينيين أن الضم يعتبر مسألة منتهية، وعليهم قبوله، وقد أكدت الوقائع كذب هذه الإشاعات، وأنها تدخل ضمن دعاية الليكود للترويج للضم. يضاف إلى ذلك أن الموقف الأمريكي نفسه خالف التوقعات التي روّج لها نتنياهو مطولاً على مدى سنة كاملة، حيث أكد البيت الأبيض أن أي عملية ضم يجب أن تتم بموافقة الفلسطينيين، بعد مفاوضات مباشرة معهم، وأن تحظى بإجماع «إسرائيلي». وهذا لم يتوفر حالياً، وقد يضطر البيت الأبيض إلى سحب مبادرته، أو إهمالها.

وحالياً، يشهد موقف نتنياهو من الضم انحساراً تدريجياً، مع بروز خلافات داخل حكومته. كما عبر قادة أجهزة الأمن عن استيائهم لعدم اطلاعهم من المسؤولين في الحكومة «الإسرائيلية» على مخطط الضم الوشيك في الضفة الغربية المحتلة، وحذروا من أن ذلك يصعّب من إمكانية الاستعداد المناسب لهذه الخطوة.

وتوقعت الصحافة «الإسرائيلية» بروز الخلافات بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي الأمريكيين تجاه السياسة «الإسرائيلية»، بعدما عبّر المرشح الديمقراطي جو بايدن، عن معارضته لمخطط الضم. ووفقاً للتقديرات، فإنه في حال فوز بايدن بالرئاسة، فإن مخطط الضم سيدخل حكومة نتنياهو في صدام مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وأن يطالب قياديون في الحزب الديمقراطي باعتراف أمريكي بالدولة الفلسطينية.

فالحزب الديمقراطي، بأكثريته، يعارض ضم المستوطنات، وأكثر من 60% من أعضاء مجلس الشيوخ من الديمقراطيين نشروا تصريحات حول الموضوع، أو بعثوا برسائل تعارض الضم إلى المسؤولين «الإسرائيليين». وما يقلق «إسرائيل» المواقف المعارضة للضم، خصوصاً تلك التي تخرج عن مؤيدين لها، ومن أعضاء اللوبي اليهودي (ايباك)، ويقودها النائب تيد دويتش، المعروف بتأييده ل«إسرائيل». أما الحزب الجمهوري فهو لا يعلن عن مواقفه لأنه غير مطلع على التفاصيل. كما أن هناك خلافاً بين المستشار كوشنر، والسفير الأمريكي فريدمان، حول الضم، ولم يعلن البيت الأبيض، المنشغل بالوضع الداخلي، رأيه النهائي بالضم، ويقال إن الرئيس ترامب، وكذلك كوشنر، رفضا استقبال مكالمات من نتنياهو في الآونة الأخيرة.

وكانت أجهزة الأمن «الإسرائيلية» حذرت مسبقاً من أن الضم سيضر بالاستعدادات «الإسرائيلية» على الجبهة الشمالية، لأن أي اندلاع للعنف في الضفة الغربية يعرقل خطط الاحتلال في مواجهة الجبهة الشمالية.

وفي هذا الوقت، يضع نتنياهو عينه على نتائج استطلاعات الرأي التي تشير إلى أنه في حالة انفصاله عن الشراكة مع الجنرال جانتس، فإن الليكود سيكتسح الانتخابات، ويحقق أربعين مقعداً، وأن جانتس سيتراجع إلى 12 مقعداً فقط، ولهذا عاد الاضطراب إلى العلاقة بين الشريكين، وأبدى نتنياهو تذمره في جلسات مغلقة من موقف حزب «أزرق وأبيض»، وقال في جلسة مغلقة «إن الأمور لا يمكن أن تستمر بهذا الشكل في الحكومة»، وهو يبدو كمن يستعد لتفجير الشراكة الحكومية والذهاب إلى انتخابات جديدة تتيح له الحكم منفرداً، حتى لو وجهت له إدانات قضائية، ويتهم نتنياهو شريكه جانتس بالسيطرة على القضاء الذي ما زال ينبش قضايا الفساد ضده، ولهذا يضغط إلى تمديد فترة رئاسته للحكومة إلى ثلاث سنوات، بدلاً التناوب مع جانتس لمدة سنة ونصف السنة، إذ يبدو أن الأفق السياسي «الإسرائيلي» ما زال منفتحاً على كل الاحتمالات السياسية، وغيرها، إذ لم تحسم بعد أي من الملفات، سواء السياسية بشأن الضم، أو الداخلية بشأن ولاية نتنياهو، وقضاياه في المحكمة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"